كشف الحسين اليماني، الكاتب العام للنقابة الوطنية للبترول والغاز ورئيس الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول، أن الأرباح، والتي وصفها بـ” الفاحشة:، التي حققها قطاع المحروقات منذ تحرير الأسعار في 2016، كانت كافية لبناء عشرات المستشفيات الجامعية من طراز المستشفى الجامعي الجديد في الرباط، وتغيير وجه منظومة الصحة في المغرب بالكامل.
وأكد اليماني، من خلال معطيات توصل بها موقع “إحاطة.ما” أن هذا الواقع يعكس فجوة صارخة بين مصالح لوبيات المحروقات، ومصالح المواطنين، ويظهر حجم الضرر الاقتصادي والاجتماعي، الناتج عن سياسات تحرير الأسعار وإهمال القطاع العام.
في هذا الاتجاه، أكد الحسين اليماني، أن الأرقام والوقائع تكشف بما لا يدع مجالا للشك أن قرار تحرير أسعار المحروقات الذي أقدمت عليه حكومة عبد الإله بنكيران، كان من أكبر الأخطاء الاقتصادية والاجتماعية التي عرفها المغرب خلال العقد الأخير، معتبرا أن نتائجه كانت كارثية على المعيش اليومي للمغاربة وعلى المرفق العمومي، خاصة في قطاعي الصحة والتعليم.
وأوضح اليماني أن أرباح الفاعلين في سوق المحروقات تضاعفت منذ بدء التحرير سنة 2016، لتصل إلى نحو 90 مليار درهم حتى اليوم، منها 17 مليار درهم خلال عامي 2016 و2017 بحسب تقرير لجنة الاستطلاع البرلمانية، بينما تشير تقديرات الجبهة الوطنية لإنقاذ المصفاة المغربية للبترول إلى أن هذه الأرباح تراكمت على مدى عشر سنوات لتبلغ مستويات غير مسبوقة.
وأشار اليماني إلى أن هذه الأرباح التي جمعت من جيوب المواطنين، كان بالإمكان أن تحدث تحولا جذريا في قطاع الصحة، لو استثمرت بشكل عادل، مبرزا أن 70 إلى 80 مليار درهم، فقط، كافية لإصلاح شامل للمنظومة الصحية المغربية، ومعالجة مختلف اختلالاتها، والقضاء على الأسباب التي تدفع المواطنين للاحتجاج اليوم حول الحق في العلاج.
وفي هذا السياق، ذكر اليماني أن الأشغال الجارية لبناء المستشفى الجامعي الجديد بالرباط، الذي سيعد من أكبر المستشفيات في إفريقيا، تكلف حوالي 4.5 مليار درهم، ما يعني أن الأرباح المتراكمة من تحرير أسعار المحروقات تكفي لبناء 20 مستشفى جامعيا من الطراز نفسه، وهو ما يبرز، حسب تعبيره، حجم الفساد الاقتصادي، وسوء توزيع الثروة في البلاد.
وانتقد اليماني بشدة حكومة عبد الإله بن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، التي لم تكتف بتحرير الأسعار فقط، بل أغلقت، أيضا، شركة سامير لتكرير النفط، ما زاد من تبعية السوق المغربية للمستوردين والموزعين الكبار.
وأضاف أن حكومتي العثماني وأخنوش واصلتا نفس النهج، عبر الاكتفاء بالتفرج على تلاشي المصفاة وتفاقم أزمة الأسعار، بدل اتخاذ قرارات شجاعة لإنقاذ الصناعة الوطنية، وإعادة التوازن للسوق.
وأكد أن ما يسمى “إصلاح المقاصة” لم يحقق أي نتائج إيجابية على المرفق العمومي، كما وعدت به الحكومة السابقة، بل استفاد منه فقط الموزعون الكبار، بينما بقيت المالية العمومية تحت الضغط، وصارت ميزانيات ضخمة تصرف دون أثر ملموس على حياة المغاربة، لا في الصحة ولا في التعليم.
ودعا اليماني إلى فتح تحقيق شامل حول ملف تحرير أسعار المحروقات، وإغلاق شركة سامير، من أجل تحديد المسؤوليات السياسية والاقتصادية ومحاسبة المتورطين، قبل التفكير في تحرير مواد أساسية أخرى مثل الغاز والسكر والدقيق والماء والكهرباء، التي كان بن كيران يطمح إلى رفع الدعم عنها لو استمر على رأس الحكومة.
وخلص اليماني إلى التأكيد على أن “تحرير أسعار المحروقات لم يكن إصلاحا، بل جريمة اقتصادية في حق الوطن والمواطنين، تسببت في إثراء أقلية محدودة وحرمان أغلبية الشعب من حقها في العيش الكريم”، مضيفا أن “انهيار منظومة الصحة والتعليم ليس قدرا، بل نتيجة مباشرة لسياسات اقتصادية غير عادلة، جعلت مصلحة اللوبيات فوق مصلحة المغاربة”.