يعتبر الخبير الاقتصادي محمد جدري أن مشروع قانون المالية لسنة 2026، يمثل آخر ميزانية للحكومة الحالية قبل انتهاء ولايتها في نهاية العام المقبل، وهو بذلك يشكل محطة حاسمة لترسيخ خطط الحكومة الممتدة من 2021 إلى 2026.
وفي تصريح لموقع “إحاطة.ما” أوضح جدري أن القانون يأتي في سياق عالمي متسم بعدم اليقين، نتيجة الحروب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، وتقلبات أسعار العملات والذهب والنفط، وهو ما يضع المغرب أمام تحديات اقتصادية ومالية كبيرة.
وأكد جدري أن إعداد مشروع القانون يهدف إلى ضمان مؤشرات اقتصادية إيجابية لهذا العام، مع السعي لتحقيق معدل نمو قدره 4.8%.
ولفت إلى أن التحكم في نسبة التضخم قد تحسن بشكل ملحوظ، حيث انتقلت النسب من 6.6% أو 6.1% في 2022 و2023، إلى نسبة لا تتجاوز 1% اليوم، ما يعكس فعالية السياسات المالية والتدبير الحكومي للموارد.
وأضاف أن الفجوة بين عجز الميزانية المتوقع لهذا العام (حوالي 3.5%) والنسبة السابقة البالغة 7%، تمثل تحديا لكنه لا يمنع من الاستعداد المالي لتحقيق الأهداف المحددة.
وأشار الخبير إلى أن الرؤية الاقتصادية للمغرب تمتد حتى عام 2035، مع هدف مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي ليصل إلى 260 مليار دولار.
ولهذا، وفق جدري يجب الاستمرار في تعزيز المكاسب الاقتصادية عبر جذب الاستثمارات الأجنبية المتنوعة وتشجيع القطاع الخاص، وخصوصا المقاولات الصغيرة جدا والصغيرة، من أجل تفعيل كامل لقدراتها.
كما أكد جدري على أهمية دعم رواد الأعمال المغاربة في الخارج، باعتبارهم شركاء أساسيين في تطوير الاقتصاد الوطني وتحسين مناخ الأعمال.
كما شدد الخبير على أن مشروع قانون المالية يرتبط ارتباطا وثيقا بالتوجهات الاستراتيجية الكبرى للمغرب، بما يشمل قضايا الماء والطاقة وإمكانات الهيدروجين الأخضر.
وقال: “من المهم أن نفكر برؤية طويلة المدى، وأن نواصل السير في الإصلاحات الهيكلية بما يضمن التوازن بين النمو الاقتصادي والعدالة الاجتماعية”.
وعلى المستوى المالي، أشار جدري إلى أن المشروع يسعى إلى تحقيق التوازن المالي من خلال خفض عجز الميزانية إلى حدود 3%، مع السيطرة على نسبة المديونية العامة، إلى 65.8%.
ولفت جدري، أن المشروع، خصص ميزانية معتبرة لقطاعي التعليم والصحة، يتجاوز 140 مليار درهم، بهدف تحسين جودة التعليم العمومي وتعزيز الولوج إلى الخدمات الصحية، خاصة في المناطق النائية.
وفيما يتعلق بالحماية الاجتماعية، يتوقع وفق جدري تعميم معاش التقاعد على جميع الفئات المستهدفة، وتعميم منحة فقدان الشغل بالنسبة للعمال غير الأجراء وأصحاب المهن الحرة.
كما يخطط مشروع ميزانية، لرفع الدعم الاجتماعي المباشر للأسر خلال المرحلة الثانية بزيادة 50 أو 100 درهم عن كل طفل بالنسبة للأطفال الثلاثة الأولين لكل أسرة.
وشدد جدري على ضرورة التحكم في نسبة عجز الميزانية خلال السنة المقبلة بحيث لا يتجاوز 3%، وبأن لا تتجاوز نسبة المديونية 67%، وذلك بما يضمن التوازنات المالية.
وخلص محمد جدري، إلى التأكيد على أن مشروع قانون المالية لسنة 2026 يمثل “خطوة استراتيجية نحو تثبيت المكتسبات الاقتصادية والمالية”، وهو بمثابة جسر لتحقيق رؤية المغرب الطموحة حتى 2035، مع مراعاة التوازن بين النمو والعدالة الاجتماعية، وضمان استدامة الموارد المالية للدولة.