تحدث مدرب المنتخب التونسي النسوي هيكل قمامدية والعميدة شيماء عباسي، قبل مواجهة المنتخب الليبي ضمن بطولة “فيفا يوحد: سلسلة السيدات 2025”، في ندوة صحفية بالدار البيضاء، عبّرا خلالها عن واقع المنتخب، التحديات التي يواجهها، والرؤية المستقبلية لبناء جيل جديد من اللاعبات القادرات على المنافسة قاريا ودوليا.
قمامدية، الذي بدا واقعيا في تقييمه للوضع، أشار، من خلال تصريح لموقع “إحاطة.ما” إلى أن المنتخب الحالي يضم في غالبيته عناصر شابة لا تزال في طور التكوين، موضحا أن “المجموعة صغيرة في السن، لكننا نعمل على مشروع طويل المدى”.
وأضاف أن “العمل القاعدي في تونس يواجه صعوبات كبيرة، لأنه لا توجد بطولة منتظمة للفتيات مثل بطولات الأكابر، حيث تلعب بعض الفرق مباراة واحدة كل ثلاثة أسابيع، وهو ما يؤثر سلبا على تطور المستوى الفني والبدني للاعبات”.
وأوضح المدرب التونسي أن الإعداد للبطولة كان صعبا للغاية بسبب ضيق الوقت، وقال: “الدعوة للمشاركة وصلت متأخرة، يوم السبت، بينما كنت في المغرب للمشاركة في دورة أخرى، ولم يكن أمامي سوى أربعة أيام لتحضير القائمة النهائية. حاولنا الاتصال بلاعبات محترفات في الخارج، بعضهن وافقن والبعض الآخر لم يتمكن بسبب ضيق المدة والإجراءات اللوجستية”.
وأضاف أن هذه التجربة كانت درسا مهما في كيفية التعامل مع التحضيرات المستقبلية، مشيرا إلى أنه “من الطبيعي أن تحصل مثل هذه العراقيل في المرات الأولى، لكن الهدف هو التعلم منها لتحسين التنظيم لاحقا”.
قمامدية أكد أن الهدف من المشاركة ليس البحث عن التتويج بقدر ما هو بناء فريق للمستقبل، قائلا: “لسنا هنا من أجل الألقاب، نحن نعمل على مشروع رياضي متكامل لتأسيس منتخب نسوي قوي يمثل تونس في السنوات القادمة. ركزنا في هذه البطولة على اللاعبات الشابات اللواتي سيشكلن نواة المنتخب الأول في المستقبل”.
من جانبها، شددت عميدة المنتخب التونسي شيماء عباسي على أهمية هذه البطولة التي تنظمها “فيفا” لأول مرة في المغرب، معتبرة أنها خطوة كبيرة لتطوير كرة القدم النسائية في المنطقة.
وقالت: “صحيح أن منتخبنا يمتلك خبرة أكبر مقارنة بمنتخبات ليبيا، تشاد، وأفغانستان، لكن الأهم هو تبادل الخبرات والتجارب. مجرد مشاركة هذه المنتخبات رغم الظروف الصعبة التي تمر بها بلدانها، مثل اللاجئين في أفغانستان أو الأوضاع الأمنية في ليبيا، هو بحد ذاته إنجاز يستحق الاحترام”.
وأضافت عباسي أن “هذه المنافسة تمنح اللاعبات فرصة الاحتكاك والتطور، وتخلق نوعا من التبادل الثقافي والرياضي بين دول لم تتح لها الفرصة كثيرا للعب في هذا المستوى”.
كما نوهت بدور الاتحاد الدولي في دعم كرة القدم النسائية قائلة: “نشكر الفيفا على هذه المبادرة لأنها تمنح الأمل للمنتخبات الصاعدة، وتشجع على الاستثمار في المواهب النسائية”.
وتحدثت قائدة “نسور قرطاج” أيضا عن المقارنة بين الكرة النسائية في تونس والمغرب، مشيرة إلى أن البطولة المغربية شهدت تطورا كبيرا بفضل الدعم المادي والهيكلي الذي تلقته من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم.
وأضافت بأسف: “في وقت من الأوقات كنا متقاربين جدا مع المنتخب المغربي، بل كنا أفضل قليلا، لكنهم تقدموا لأنهم اشتغلوا بجدية واستثمروا في البنية التحتية والدعم الفني. اليوم، كل فرق الرجال في المغرب أصبحت تمتلك فرقا نسائية محترفة ومدعومة، وهذا ما نتمناه أن يتحقق أيضا في تونس”.
وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قد أعلن أن النسخة الأولى من بطولة “FIFA يوحد: سلسلة السيدات” ستقام في المغرب بين 26 و30 أكتوبر 2025، بمدينة برشيد. وتشارك في البطولة منتخبات تونس، المغرب، ليبيا، تشاد، وأفغانستان، في نظام دوري من دور واحد.
ويمثل الحدث أول ظهور رسمي للمنتخب الأفغاني للسيدات بعد سنوات من الغياب القسري، كما ستدخل ليبيا وتشاد لأول مرة في التصنيف الدولي للفيفا بعد نهاية البطولة.
وأكد الاتحاد الدولي في بيانه أن الهدف من هذه البطولة هو “تعزيز المشاركة النسائية في كرة القدم في الدول النامية، وتوفير فرص تنافسية للاعبات لا تتاح لهن عادة”، مشيدا بالدعم الذي قدمته الجامعة الملكية المغربية في تنظيم هذه التظاهرة.
وتختتم عباسي حديثها برسالة أمل: “لدينا فتيات موهوبات، والمستقبل أمامنا. فقط نحتاج إلى دعم أكبر، وبطولة منتظمة، وهيكلة واضحة. إن شاء الله نقدروا نرجعوا لتونس بانتصارات مش فقط في النتيجة، بل في التجربة والخبرة”.
هكذا، يدخل المنتخب التونسي النسوي بطولة “فيفا يوحد” بعقلية مختلفة، بعيدة عن الأضواء ومطالب التتويج، قريبة من روح البناء والمثابرة.
فبين واقع محدود وإصرار على التطوير، يبدو أن مشروع قمامدية ورفيقاته لا يراهن على اليوم، بل على الغد، حين تنضج هذه المجموعة لتصبح صوت تونس الحقيقي في كرة القدم النسائية.