اعتبرت “مبادرة إمال من أجل المناخ والتنمية”، وهي أول مركز أبحاث مستقل يعنى بقضايا التغيرات المناخية، أن الأنظمة الطاقية المتجددة اللاممركزة تمثل حلا واعدا لتعزيز مرونة وتنافسية وتوازن المنظومة الكهربائية الوطنية.
وأبرزت المبادرة، في تقريرها الجديد تحت عنوان “آفاق الأنظمة الطاقية المتجددة اللاممركزة بالمغرب”، الذي تم تقديمه خلال لقاء نظم اليوم الخميس بالرباط، أن “الأنظمة الطاقية المتجددة اللاممركزة، ولا سيما الطاقة الشمسية على الأسطح المدمجة مع تقنيات التخزين والتنقل الكهربائي، تمثل حلا واعدا لتعزيز مرونة وتنافسية وتوازن المنظومة الكهربائية الوطنية، والمساهمة في تحقيق أهداف المملكة في أفق سنتي 2030 و2050”.
وذكر بلاغ للمبادرة أن التقرير “يعتبر أن المغرب يعيش اليوم مرحلة حاسمة في مسار انتقاله الطاقي”، مشيرا إلى أنه “مع الارتفاع المتواصل في عدد السكان والنشاط الاقتصادي وتحسن مستوى المعيشة، يتزايد الطلب الوطني على الطاقة بوتيرة ملحوظة”.
وفي هذا السياق، يضيف المصدر ذاته، يعمل المغرب على تسريع إدماج الطاقات المتجددة لتقليص تبعيته للوقود الأحفوري المستورد والمكلف، والوفاء بالتزامه بمضاعفة القدرة المثبتة للطاقات المتجددة ثلاث مرات في أفق سنة 2030.
وأكد التقرير أن هذه الأنظمة تمكن المواطنين والمقاولات من التحول من مستهلكين للطاقة إلى منتجين–مستهلكين قادرين على إنتاج الكهرباء وتخزينها واستهلاكها وبيعها، بفضل التكامل بين الطاقة الشمسية والتكنولوجيات الرقمية الحديثة والمركبات الكهربائية، مما يجعلهم فاعلين أساسيين في تحقيق الأمن الطاقي الوطني وتعزيز مرونة الشبكة.
وسجل التقرير أن السيناريوهات الواردة في الدراسة، تشير إلى إمكانات واعدة في أفق سنة 2035، مبرزا أنه في السيناريو المتفائل، يمكن إنتاج 66,8 تيراواط/ ساعة من الكهرباء بطاقة مركبة تبلغ 28,58 جيغاواط وسوق اقتصادية تقدر بـ 31,08 مليار دولار أمريكي، مع تجنب 48,2 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.
أما في السيناريو الوسطي، يضيف المصدر ذاته، فتبلغ القدرة الإنتاجية 40,1 تيراواط ساعة وسوقا بحوالي 18,65 مليار دولار مع تقليص الانبعاثات بـ 28,9 مليون طن، لافتا إلى أنه حتى في السيناريو المتحفظ، يمكن تحقيق 20,1 تيراواط /ساعة من الكهرباء وتفادي 14,46 مليون طن من الانبعاثات، مما يعكس الأثر الكبير لهذه الأنظمة في مختلف الحالات.
ويتوقع التقرير كذلك، أنه بحلول سنة 2035 سيبلغ عدد السيارات الكهربائية بالمغرب حوالي 2,5 مليون وحدة، وسيساهم تعميم التنقل الكهربائي الذكي ثنائي الاتجاه في تعزيز مرونة النظام الكهربائي الوطني، إذ يمكن لهذا الأسطول أن يوفر قدرة تخزينية تعادل 91 بالمائة من الطلب الوطني على الكهرباء، مع إمكانية تغطية الأنظمة الشمسية فوق الأسطح لما بين 59 بالمائة و98 بالمائة من احتياجات شحن هذه المركبات.
وأوضح أن هذا الأمر يعني أن المغرب يمتلك فرصة حقيقية لدمج النقل والطاقة في منظومة واحدة أكثر استدامة وتكاملا.
وحسب “مبادرة إمال”، فإنه إضافة إلى المنافع البيئية والمناخية، يمكن لأنظمة الطاقة المتجددة اللاممركزة أن تخلق حوالي 43 ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة في أفق سنة 2035، موزعة على مختلف جهات المملكة، مما سيساهم في تعزيز التضامن الطاقي الوطني ودعم التنمية الجهوية الشاملة.
وفي ضوء هذه المنافع الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، دعت “مبادرة إمال” إلى مراجعة الإطار المؤسسي والتنظيمي من أجل دمج الإنتاج اللاممركز للطاقة بشكل أفضل في الاستراتيجية الوطنية للطاقة.
كما أوصت بالاستثمار في الشبكات الذكية لتقوية مرونة وأمن النظام الكهربائي، وتعزيز التدبير الذكي للطلب على الطاقة من خلال تعريفة دينامية، وتفعيل القانون رقم 21-82 المتعلق بالإنتاج الذاتي للطاقة الكهربائية قبل سنة 2026.
ويقترح التقرير، أيضا، إدماج تقنيات الطاقة النظيفة في مدونات البناء الجديدة، وإحداث صندوق وطني لدعم الأنظمة الطاقية المتجددة اللاممركزة لتشجيع الأسر والمقاولات الصغيرة والمتوسطة، وتعزيز التنقل الكهربائي الذكي من خلال منصة (V2X المغرب)، بالإضافة إلى تعزيز الحكامة والتنسيق المؤسسي والتقنين التقني لضمان تخطيط أفضل للقطاع.
وأكد البلاغ، أن “مبادرة إمال من أجل المناخ والتنمية” تعتزم العمل على نشر نتائج وتوصيات هذا التقرير على المستوى الجهوي، بشراكة مع الإئتلاف المغربي من أجل المناخ والتنمية المستدامة، تعزيزا لمقاربتها التشاركية التي تتوخى بناء رؤية وطنية مشتركة منفتحة على المواطنين والمقاولات والجهات، وتحقيق انتقال طاقي مستدام، عادل ومنصف يرسخ سيادة المغرب الطاقية وتنميته المستدامة.