لقجع: تنظيم كأس العالم 2030 مشروع وطني يتجاوز كرة القدم

لقجع: تنظيم كأس العالم 2030 مشروع وطني يتجاوز كرة القدم

أكد فوزي لقجع، الوزير المنتدب لدى وزيرة الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية، أن تنظيم كأس العالم 2030 لا يمكن اختزاله في مجرد حدث رياضي أو منافسات كروية تمتد لتسعين دقيقة، بل يمثل ورشا وطنيا استراتيجيا متكاملا يعكس الرؤية التنموية الشاملة للمملكة، وانفتاحها على العالم في مختلف المجالات.

وأوضح لقجع، على هامش المناقشة العامة لمشروع قانون المالية لسنة 2026، بلجنة المالية بمجلس النواب، الخميس، أن المغرب لم يصل إلى هذه المرحلة بسهولة، بل بعد مسار طويل من المحاولات المتكررة على مدى أكثر من ثلاثة عقود، مشيرا إلى أن فشل ملف المغرب في نيل شرف تنظيم مونديال 2010 كان لحظة مؤلمة لجميع المغاربة، لكنها شكلت أيضا نقطة انطلاق جديدة نحو تحقيق هذا الحلم الوطني، الذي تحقق أخيرا عبر الملف الثلاثي المشترك مع إسبانيا والبرتغال.

وأكد المسؤول الحكومي أن “كأس العالم بالنسبة للمغرب ليست مجرد ملاعب تُبنى أو مباريات تُنظم، بل خريطة طريق تنموية تتقاطع فيها كل مظاهر التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبنيات التحتية”.

وأبر أن الملف الذي قدمه المغرب إلى الفيفا، والذي حظي بموافقة بالإجماع، يتضمن التزامات واضحة في مقدمتها تأهيل القطاع الصحي ليكون في مستوى المعايير الدولية المطلوبة لتنظيم تظاهرة بهذا الحجم.

وشدد لقجع على أن “أي دولة لا يمكن أن تنظم كأس العالم إذا لم تكن بنيتها الصحية جاهزة على مستوى المستعجلات، والعلاجات، وخدمات الفرق واللاعبين”.

وأشار، إلى أن المغرب استطاع في السنوات الأخيرة بناء مستشفيات جامعية في آجال قصيرة، مثل المستشفى الجامعي القريب من مركب مولاي عبد الله بالرباط، وهو ما يعكس قدرة المملكة على تنفيذ مشاريع ضخمة في وقت وجيز.

وفي ما يتعلق بتشييد الملاعب، أوضح الوزير أن مركب مولاي عبد الله جرى تشييده بالكامل من طرف أطر ومقاولات مغربية تجاوز عددها المائة، مشددا على أن هذا المشروع “رمز للكفاءة الوطنية وقدرة المقاولات المغربية على إنجاز مشاريع كبرى بمعايير عالمية”.

أما بخصوص الكلفة المالية للملاعب المرتبطة بكأس العالم، فقد أوضح لقجع أن التمويلات ليست مدرجة في الميزانية العامة للدولة، بل تعتمد على آليات تمويل مؤسساتية مهيكلة، تُمكن من أداء التكاليف على مدى 20 سنة، مشيرا إلى أن الكلفة الإجمالية المقدرة تبلغ 23 مليار درهم، وأن المداخيل المستقبلية لهذه المنشآت ستفوق قيمة الإيجارات السنوية الخاصة بتمويلها.

وأضاف الوزير المكلف بالميزانية أن “الرهان الحقيقي ليس الملاعب في حد ذاتها، بل المشاريع البنيوية الكبرى المصاحبة للمونديال، والتي ستنفذها المملكة سواء تم تنظيم كأس العالم أو لم يتم، لأنها جزء من الرؤية التنموية المتكاملة التي يقودها جلالة الملك محمد السادس”.

وفي هذا الإطار، شدد لقجع على أن تطوير البنيات التحتية للنقل والمطارات أمر أساسي لدعم السياحة التي أصبحت قطاعا محوريا في الاقتصاد الوطني، مشيرا إلى أن مطاري مراكش والدار البيضاء وصلا إلى حدّهما الأقصى من حيث الطاقة الاستيعابية، ما يستوجب التوسعة والتحديث لتلبية الطلب المتزايد.

وأوضح المسؤول الحكومي أن الربط بين مختلف جهات المملكة، من الشمال إلى الجنوب ومن الشرق إلى الغرب، عبر الطرق السيارة والسكك الحديدية، ليس ترفا بل ضرورة لتنمية الاقتصاد الوطني وتعزيز الجاذبية الاستثمارية.

وقال بهذا الخصوص: “المغرب لا ينتهي عند القنيطرة، ولا يمكن أن نحقق التنمية الشاملة إذا لم نربط كل مناطق المملكة ببعضها”.

وأكد لقجع أن النقاش الدائر حول المشاريع المرتبطة بالمونديال هو نقاش صحي وطبيعي، مذكرا بأن مثل هذه النقاشات عرفها المغرب منذ عقود، عندما قرر الملك الراحل الحسن الثاني إنشاء الطريق السيار بين الرباط والدار البيضاء، والتي رغم الانتقادات التي رافقت المشروع حينها، أثبتت التجربة لاحقا أنها كانت خطوة استراتيجية، إذ أصبحت الحاجة اليوم إلى طريق سيار مواز لتغطية الطلب الكبير على التنقل بين المدينتين.

وختم الوزير كلمته بالتأكيد على أن المغرب سائر في تنفيذ مشاريعه الكبرى بثبات، سواء تعلّق الأمر بالبنيات التحتية أو بتأهيل القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والسياحة، مبرزا أن كأس العالم 2030 سيكون “منصة لتتويج هذا المسار التنموي الطموح”، وأن المملكة لن تتعامل معه كحدث رياضي فقط، بل كورش وطني يكرس موقعها الريادي قاريا ودوليا.

Total
0
Shares
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Related Posts