يدشّن المغرب فصلا جديدا في مسار إصلاح منظومته الصحية بافتتاح المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بأكادير، وهو صرح طبي من الجيل الجديد يجسّد الرؤية الملكية المتبصّرة للملك محمد السادس، الهادفة إلى تعزيز السيادة الصحية الوطنية، وتقريب الخدمات العلاجية المتخصصة من ساكنة جهة سوس ماسة والأقاليم الجنوبية.
ويمثل هذا المشروع العملاق تحولا نوعيا في البنية التحتية الصحية بالمملكة، إذ يجمع بين المهام العلاجية والجامعية، ويُعدّ مركزا طبيا مرجعيا من الطراز العالي، بما يتوفر عليه من تجهيزات متقدمة وكفاءات بشرية عالية التأهيل.
ويمتد المركز على مساحة 30 هكتارا، منها 130 ألف متر مربع مغطاة، ويضم مستشفى للتخصصات بسعة 867 سريرا، ومستشفى للأم والطفل بطاقة 245 سريرا، إضافة إلى شبكة متكاملة من أقسام الاستعجالات والعناية المركزة والجراحة الدقيقة.
ويُبرز هذا الإنجاز المعماري والطبي التحول في مفهوم المستشفى الجامعي بالمغرب، إذ تم تصميمه وفق معايير هندسية عالمية تُراعي النجاعة الطاقية والفعالية العلاجية وأنسنة الفضاءات، لضمان بيئة علاجية مريحة تحفظ كرامة المريض.
كما يتوفر المركز على أقطاب طبية متطورة، أبرزها قطب الجراحة الذكية المزوّد بالروبوت الجراحي “Revo I”، الأول من نوعه على المستوى الإفريقي، والذي يُمكّن من إجراء تدخلات دقيقة بأقل قدر من التدخل البشري، فضلا عن منصة تصوير طبي حديثة تضم أجهزة الرنين المغناطيسي والسكانير وجهاز التصوير البوزيتروني (PET Scan)، ما يجعل من المركز مرجعا في التشخيص والعلاج المتقدم.
وفي انسجام مع التحول الرقمي الذي تعرفه المنظومة الصحية، تم تجهيز المركز بأنظمة معلوماتية ذكية تتيح تتبع المسار الطبي للمريض رقميا، إضافة إلى نظام صيدلة آلية يضمن سلامة توزيع الأدوية ودقة الوصفات العلاجية.
ولتعزيز الاستدامة، اعتمد المركز مقاربة بيئية مبتكرة من خلال استخدام الطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية تصل إلى 400 كيلواط، وسخانات مياه شمسية لتقليص استهلاك الغاز، مما يجعل منه نموذجاً رائدا للمستشفى الأخضر في المغرب وإفريقيا.
ويعتمد الصرح الطبي على رأسمال بشري وطني عالي الكفاءة يضم 1266 إطارا صحيا، من ضمنهم 115 أستاذا جامعيا و388 طبيبا مقيماً و760 ممرضا وتقنيا، ما يكرّس دوره كمؤسسة علاجية وأكاديمية تسهم في تكوين أجيال جديدة من مهنيي الصحة.
وبهذا، يُكرّس المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بأكادير مكانة المغرب كقطب طبي رائد في القارة الإفريقية، ويجسد إرادة ملكية راسخة في ضمان الحق في الصحة لكل المواطنين، في إطار من العدالة والكرامة والتنمية المجالية المتوازنة.