كلما تحدث أحد المشايخ عن تكريم الاسلام للمرأة الا وذكر أن أفضل تكريم لها هو أن الله أنزل سورة باسم النساء واخرى باسم مريم، لا أعلم من أين استنتجوا هذا، فالقران يضم سورة المنافقين وسورة المائدة وغيرها من السور، فهل الله كرم المنافقين أيضا بأن أنزل سورة تحمل صفاتهم؟ وهل كرم المائدة بإنزال سورة باسمها؟ وإذا اعتبر تكريم المرأة في الدين بذكر مريم عليها السلام واسية زوجة فرعون في القران فقد ذكر الله أيضا امرأة نوح وامرأة لوط.
لم يسبق لأحد الشيوخ او فقهاء الفكر الذكوري أن اعتبروا أن الله كرم الرجل بأن أنزل سورة محمد ويوسف ويونس…لانهم يعتبرون أن الرجال ليسوا بحاجة لإظهار تكريمهم لانهم ليسوا ناقصي دين وعقل ومكرمين بالدين وبغير دين.
وإذا أردنا الحديث عن تكريم الله للمرأة فخير تكريم لها هو أن خلقها كيانا مستقلا، ومنحها عقلا وجعلها قادرة على التفكير والانتاج والعمل مثلها مثل الرجل، كرمها بأن جعلها مخلوق كامل، له حقوق وعليه واجبات وليست ناقصة عقل ودين فالذين يحاولون ايجاد تفسيرات لحديث ناقصات عقل ودين المنسوب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعتبرونه تكريما للمرأة، وبأن نقصان الدين يكمن في توقفها عن الصلاة والصيام فترة الحيض ونقصان العقل يٌفسر بأن شهادة رجل بشهادة امرأتين.
اذا اعتمدنا هذا التفسير فكيف تحاسب المرأة عن نقصان تدينها وتعتبر ناقصة دين بسبب اشياء فطرها الله عليها ولا دخل لها فيها؟ وهل انقطاعها عن الصلاة لأيام قليلة ينقص من ايمانها ويؤثر على دينها ؟ كيف ينقص تدينها وقد ساوى الله بينها وبين الرجال في العبادات والجزاء وحتى في الحدود والقصاص، أما فيما يخص الشهادة، فقد كان مجرد السماح للمرأة في المجتمع القريشي آنذاك بالأدلاء بشهادتها حول موضوع ما يعتبر انتصارا للنساء سواء كانت شهادتها نصف شهادة رجل او كاملة. وكذا لان النساء كن تحت سيطرة الرجال ويقيد حريتهن، وقد يتم اجبارهن على الادلاء بأقوال محددة فكانت شهادة امرأتين لإضفاء المزيد من المصداقية ولا علاقة له بنقصان العقل، الشيء الذي لم يعد صالحا في زماننا الذي استطاعت فيه المرأة ان تنتزع حقوقها وحريتها واصبحت قادرة على الشهادة دون ان يأثر فيها رجل، ولا وجود لدلائل ولا لدراسات كما يدعي الفقهاء والشيوخ تبين أن عقل المرأة اقل من عقل الرجل.
في كل الاحوال لا يمكن الاعتماد على هذا الحديث وتبنيه فلا اعتقد ان يكون من اقوال الرسول الاكرم لأنه ببساطة يخالف المنطق والعقل وحتى القران. الذي جعل الاختلاف بين الذكر والانثى يكمن في التقوى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم) سورة الحجرات. وحتى إذا اعتبره البعض صحيحا وحاولوا إيجاد تبرير وتفسير له، فلا يجب اعتماده لأن الدين يؤخذ من كتاب الله اليقيني الثبوت، أما الحديث حتى وإن صح فلسنا معنيين به ولا يجب ان نأخذ منه دينا أو تشريعا، خصوصا إذا خالف العقل والقران، لأنه مجرد تاريخ يصدق أو لا يصدق.