بدأ فصل جديد من الأزمة الدبلوماسية الصامتة بين المغرب وموريطانيا يظهر إلى العلن بعدما منعت مفتشيات الشغل الموريطانية المهندسين المغاربة من ولوج مقر شركة موريتيل للاتصالات الموريطانية، التي يمتلك المغرب فيها حصة 50 بالمائة بشراكة مع الحكومة الموريطانية. وفوجئ عشرات المهندسين المغاربة المشتغلين بالشركة بالقرار الجديد، حيث منعوا من استئناف عملهم، ولم يسمح سوى للمدير العام بمزاولة عمله، ولم تخف مصادر أن السبب الرئيس الذي يقف وراء التصعيد، يأتي مباشرة بعد أن رفض المغرب استقبال وزير الخارجية الموريطاني لتسليم الدعوة للمغرب من أجل حضور أشغال دورة الجامعة العربية التي رفض المغرب تنظيمها.
وحسب صحيفة “المساء” في عددها الصادر نهاية الأسبوع الحالي فإن رفض القرار المغربي، الذي عزته مصادرها إلى « الإنزال » الكبير للمسؤولين الموريطانيين عشية دفن محمد بن عبد العزيز، الزعيم السابق لجبهة البوليساريو في منطقة واد لحلو، أدى إلى تصعيد فوري للجارة الجنوبية، وكان الضحية هم المهندسون المغاربة الذين ينتظرون قرارا من إدارة اتصالات المغرب أو تدخلا من وزارتي التشغيل أو الخارجية بغاية نزع فتيل التوتر.
وتوصلت ” المساء ” بمعطيات مثيرة تتعلق بتحريض جزائري ضد المهندسين المغاربة، خاصة بعد أن بثت قناة ميدي 1 تسجيلات تثبت تورط الجزائر في علاقات مشبوهة مع تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي، حيث ضغطت الجزائر بقوة على شركة اتصالات معروفة جدا لإرجاع مهندس اتصالات مغربي إلى الجزائر، بعدما توصلت المخابرات الجزائرية إلى أن التسجيل الذي سرب للقناة كان مصدره مهندسون مغاربة.
وقالت الصحيفة إن جنرالات المخابرات الجزائريين قاموا بجميع المساعي لدى شركة الاتصالات من أجل أن تعيده إلى الجزائر، من بينها تقديم إغراءات بربح صفقات بالجارة الشرقية.
وحسب المعطيات نفسها، التي حصلت عليها “المساء “، فإن الشركة التي تشتغل في الكثير من بلدان شمال إفريقيا والشرق الأوسط، رفضت الطلب الجزائري، « خشية اعتقال المهندس المغربي، لأن الجزائر لم تقدم دليلا واحدا دامغا يثبت صحة مزاعمها »، موضحة في السياق نفسه أنه منذ هذا الرفض « منعت السلطات الجزائرية بقرار سياسي العشرات من المهندسين المغاربة من الاشتغال على أراضيها، ومنعتهم من دخول مقرات عملهم وسط صمت غير مفهوم من وزارة الخارجية المغربية، لاسيما وأن المغرب يسمح للمهندسين الجزائريين بالعمل بكل حرية، بل ويشتغلون في شركات كبرىبالمغرب »‘.
وقالت مصادر الصحفة ذاتها، إن السلطات الجزائرية لم تكتف فقط بمنع المهندسين المغاربة من العمل فوق أراضيها، إنما لجأت إلى التحريض ضدهم في بلدان إفريقية كثيرة يستثمر فيها المغرب في قطاع الاتصالات، « حيث تدخلت غير ما مرة لدى القيادات السياسية لبعض البلدان لطرد المهندسين بغاية إفشال الاستثمارات المغربية بها ».