لحليمي يدعو إلى اعتماد نموذج تنموي في تناغم بين عوامل الإنتاج والقطاعات والفاعلين

دعا المندوب السامي للتخطيط  أحمد لحليمي علمي، مساء اليوم الثلاثاء بالدار البيضاء، إلى اعتماد نموذج تنموي في تناغم بين عوامل الإنتاج والقطاعات والفاعلين، من أجل مواجهة التحديات الحالية والمستقبلية في مجال التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي.

وأكد  لحليمي خلال ندوة صحفية نظمتها المندوبية حول “الوضعية الاقتصادية لسنة 2016 وآفاق تطورها لسنة 2017″، على أهمية الدعم الفعلي لهذا النموذج التعاقدي للتنمية، الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس بغية تحقيق التنمية الاقتصادية وضمان الاستقرار الاجتماعي.

و أوضح أن هذا النموذج الذي يضم أهدافا متفقا عليها بين الدولة والقطاع الخاص الحريص على الاستقرار الأمني، أثبت نجاعته في المنجزات الكبيرة في البنية التحتية الاقتصادية منها والاجتماعية سواء في الوسط القروي أو الحضري أو على المستوى الجهوي والوطني وذلك في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية على المستوى المحلي.

وأبرز أن هذه الدينامية، تندرج إلى جانب الجهوية المتقدمة في إطار تخطيط استراتيجي وتملك جماعي لأهدافه وأساليبه من طرف المجتمع برمته، مطالبا بتوحيد المجهودات بين القطاع الخاص والإدارة والمنتخبين على جميع المستويات، للانخراط في تعديل “نموذجنا الاقتصادي في سياق مناخ جديد للنمو يتمحور حول التصنيع، حيث يتعين على الدولة الاستثمار في القطاعات الإنتاجية، علاوة على البنيات التحتية”.

وعلى مستوى القطاع الفلاحي، أبرز  لحليمي التطور الملائم لأنشطة تربية الماشية والتشجير وزراعة الخضروات، التي عرفت نتائج جيدة مكنت، إلى جانب، منتجات الصيد البحري، من الحد من تأثير زراعة الحبوب على القيمة المضافة للقطاع الأولي، مشيرا إلى استمرار المنحى التنازلي لوتيرة نمو إنتاج الحبوب الذي سيستمر مع ضعف إنتاجية المناطق البورية، التي تعرف تمركزا كبيرا للاستغلاليات العائلية الصغيرة والمتوسطة.

وبهذا الخصوص اعتبر أنه على الرغم من تكثيف برامج مخطط المغرب الأخضر، إلا أن منتجات أنشطة الزراعات الأخرى كالتشجير وزراعة الخضروات وتربية الماشية، “تبقى مصدرا للقيمة المضافة والشغل ومحركا لمسلسل التصنيع الضروري للبلاد ورافعة لتكييف نظامنا الإنتاجي مع معايير التنمية المستدامة”.

على مستوى القطاع غير الفلاحي، اعتبر لحليمي أن ضعف نمو الاقتصاد يكمن “بشكل كبير” في مستوى تنوع وتنافسية القطاع غير الفلاحي، بالإضافة إلى تزامن التراجع الكبير لأنشطة القطاع الثالثي، التي تمثل 66 في المائة من القيمة المضافة للقطاع غير الفلاحي، مع أزمة قطاع البناء والأشغال العمومية، خاصة أنشطة البناء التي تمثل أكثر من 80 في المائة.

وأوضح أن مديونية المقاولات والأسر وسياسة توزيع القروض البنكية تعتبر مصدرا لهذه الأزمة بعد أن كانت محركا للنمو، معتبرا أن تراجع مختلف أنشطة قطاع البناء والأشغال العمومية، “تستوجب، اليوم، استعجالية تقييم مجهودات الاستثمارات المبذولة من طرف بلادنا في البنيات التحتية، الاقتصادية منها والاجتماعية”.

وأشاد بالإقلاع الذي تعرفه اليوم الصناعات الغذائية، نتيجة سياسة الإدماج المعتمدة في مخطط المغرب الأخضر، موضحا أن هذه الفروع الصناعية، ساهمت إلى جانب انتعاش تلك التي تعتبر مكتسبات تاريخية للمغرب في هذا المجال، والصعود القوي للمهن العالمية، في الرفع من حصة القطاع الثانوي في القطاع غير الفلاحي، وبالتالي، ساهمت في تقليص تباطؤ وتيرة نموه.

وفي معرض حديثه عن الانتعاش الصناعي استعرض النموذج الجديد للتنمية، الذي يعتمد ، أساسا على الصناعة، خاصة الصناعات التقليدية للمغرب ،التي لها تأثيرات مضاعفة على نمو القيمة المضافة وخلق فرص الشغل.

وأبرز المساهمة القيمة للمهن الجديدة للمغرب في الاقتصاد الوطني، خاصة في تنافسية صادراته، داعيا إلى اعتبار المهن الجديدة مثالا يحتذى به “للتوطين الصناعي الناجح لصالح بلادنا عوض التوطين المجالي لبلادنا لصالح الخارج، حيث ينبغي على المغرب وكذا شركائه، خاصة في ظل المستوى الحالي للتنمية في بلادنا، إيلاء اهتمام كبير للتصنيع الذي أصبح يكتسي طابعا ضروريا وحتميا”.

وعلى المستوى الدولي أوضح السيد لحليمي أن الشكوك هي السمة الرئيسية التي تتميز بها التوقعات الاقتصادية برسم سنتي 2016 و2017 ، مشيرا إلى أن انتعاش النمو بالولايات المتحدة الأمريكية يظل رهينا بما ستسفر عنه نتائج الانتخابات الرئاسية، في حين أن البداية التي عرفها النمو في أوروبا تظل رهينة بما ستؤول إليه الاستحقاقات الانتخابية شبه المتزامنة بالعديد من الدول الأعضاء.

وأشار إلى استمرار “أزمة الهجرة وصعود الممارسات الشعبوية واستمرار التهديدات الأمنية التي تزيد من حدة عدم الثقة والانتظارية من قبل الفاعلين الاقتصاديين”، معتبرا أن خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي سيرفع من حدة التوتر ومخاطر انتقال العدوى إلى أعضاء آخرين في منطقة اليورو.

واعتبر أن هذا الوضع سيزيد من تعميق التناقضات بين البلدان الأوربية الشمالية والجنوبية، وذلك على حساب المجال الأورومتوسطي لفائدة التوجه الاستراتيجي للوزن الاقتصادي والتجاري والسياسي من المحيط الأطلسي نحو المحيط الهادي.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة