انفجرت منذ أيام في المغرب قضية استيراد شحنة كبيرة من النفايات، تم استقدامها من إيطاليا لحرقها في المغرب من طرف شركات الإسمنت، وذلك بهدف توليد الطاقة اللازمة لتصنيع الإسمنت. الموضوع أثار ضجة كبيرة في الصحافة وعلى المواقع الاجتماعية.
من جهة، اعتبرت الوزيرة بأن تلك النفايات غير ضارة وأن الأمر قانوني وأن المغرب لا يوفر إمكانية فرز النفايات لكي نختار منها المواد الصالحة، مما يجعل الاستيراد ضروريا في بعض القطاعات.
من جهة أخرى، تساءل المعلقون: ما دامت هذه النفايات غير ضارة، فلماذا لا تحتفظ بها إيطاليا على أرضها؟ وكيف يكون المغرب على بعد شهور قليلة من تنظيم مؤتمر الأطراف الدولي، الـ Cop 22، في مراكش، وهو مؤتمر يهدف لحماية البيئة للأجيال القادمة، وتسمح الحكومة بعملية لا بيئية كهذه؟
من جهة ثالثة، فقد رأينا رئيس الحكومة والناطق الرسمي باسمها يخرجان في كل المناسبات للحديث عن هذا الموضوع أو ذاك، بل يلعبان أحيانا دور المعارضة وهما في قلب الحكومة أو على رأسها… لكنهما هنا التزما الصمت… ربما لأن تبريرهما لما حدث، سيجعلهما يهددان شعبية حزبهما، العدالة والتنمية، على بعد أشهر قليلة من الانتخابات التشريعية؛ بينما الحزب، وخصوصا في الفترة الأخيرة، مشغول بدغدغة مشاعر المواطنين حتى وإن كان ذلك في الاتجاه الخطأ.
لكن هناك موضوعا جانبيا في كل هذه القضية أثارني. الكثير من المعلقين، منهم مدراء نشر معروفون ورؤساء تحرير وأشخاص محسوبون على التوجه الحداثي، كتبوا في معرض انتقادهم بأن وزيرة البيئة مشغولة بعمليات التجميل أكثر من انشغالها بالبيئة، وبأن من حقها أن تحقن البوتوكس لشفتيها وليس من حقها أن تحقن السموم للبلد وغير ذلك من التعليقات. من حقنا طبعا انتقاد قرارات ومواقف المسؤولين الحكوميين، رجالا ونساء؛ لكن، لماذا، حين يتعلق الأمر بامرأة مسؤولة، نتذكر فجأة شكلها وجسدها؟ هل لو تعلق الأمر بوزير، كنا سنهتم كثيرا بتفاصيل بطنه وشفتيه وأنفه؟ بل أن الإشكال أن هؤلاء لا ينتبهون أساسا لكون انتقاداتهم مغرقة في الذكورية… وهو أمر عليه أن يدعونا للتفكير والتأمل.