همجيتنا تعبد الطريق لفاشيتهم

سيسكت الفقهاء، أو يخرج الأكثر جرأة منهم ببيان تضامني مع الضحايا لا أقل ولا أكثر.
ثم ينتقلون لشيء آخر.. ممارسة دورهم في التحريم والترغيب والترهيب ..
السيناريو مكتوب ومعد سلفا..  وكذلك كان.. لم يخرج أي فقيه أو عالم ليندد بداعش مرتكبة كل هذه المناكر حول العالم، أو يدين عملها الإجرامي الأخير في نيس الفرنسية وقبلها في العراق والسعودية وسوريا وأمريكا… وفي المقابل تحرك العلماء المسلمون في الشرق والغرب لإصدار فتوى رسمية تحرم اللعبة الجديدة التي غزت العالم.. لعبة البوكيمون اللعينة المدمرة التي تشكل تهديدا على الأمن ديني.
إن الفقهاء المسلمين يعرفون أن ما تقوم به داعش اليوم في نيس أو غيرها  يشكل جزءا من ثرات المسلمين الذي لا تريد التنازل عنه، وبأن الدواعش يجدون ألف مبرر لفعلاتهم النكراء يستقونها من ثراتنا الديني الذي عبثت به يد الانسان وأطماعه الاقتصادية والسياسية. كما أن الجهاد يشكل عنصرا محوريا في تاريخ الاسلام إذا ما نزعنا عنه بعده التاريخي، وفي استيهامات المسلمين المرتبطة بوجود مدينة فاضلة وعصر ذهبي خالص لم يوجد قط على أرض الواقع.
إن ما يحدث اليوم هو تهديد حقيقي لعلاقة المسلم بالآخر أو علاقة الاسلام بغير المسلمين، حيث لم يعد هذا الاسلام بما علق فيه من شوائب يهدد أمن وسلامة محيطه الأصلي، بل يهدد علاقة المسلمين بالشعوب والأمم الأخرى التي لها تصور آخر عن الدين والحياة. ويحدد حتى اختياراتها السياسية والاقتصادية المستقبلية.
نحن هنا إذن أمام تحديين:
أولا : تحد يواجهنا نحن، مرتبط بإعادة النظر في ثراتنا الديني وتنقيته وإزالة جميع الشوائب التي جعلت دعوات القتل والكراهية تتفوق على آيات السلم والتسامح والمعاملة بالمعروف.
وثانيا: التحدي الذي يواجه الآخر (فرنسا أمريكا الغرب..) المرتبط بامتحانهم العسير في الانتخابات الرئاسية المقبلة. هل سيدعن الآخر للفاشية في مواجهة الهمجية؟ وهل عبد القتلة والمجرمون والدواعش الطريق أمام مارين لوبان ودونالد ترامب وغيرهما من أجل الظفر بكرسي الرئاسة؟
الأكيد سيكون الجميع خاسرا في نهاية المطاف، وسيكون صراع الحضارات في واقع الأمر صداما بين القتلة والمجرمين.
إنه امتحان عسير يسائلنا جميعا : أليس هناك طريق ثالث غير طريق الهمجية وطريق الفاشية؟

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة