تخيل معي صديقي القارئ أن هذا الكون كان عبارة عن 1/10 أس 33 سنتيمتر قبل 13.8 مليار سنة، يعني أدق من أصغر حبة رمل تلتقطها عدسة عينيك، و من تم انفجر بفعل التمدد و الحرارة و الكثافة (حسب نظرية الانفجار العظيم) لنحصل على فضاء شاسع يتكون من مجرات ونجوم وكواكب وكويكبات ومذنبات. يعني أن الأرض التي تجمعني بك والتي عمرها 4.54 مليار سنة هي شيء صغير جدا في مجموعة شمسية ضمن مجرة داخل هذا الكون، بعد تكون الحياة و فلسفة الخلق وتطور المخلوقات، وبعد أن أثبتت الأرض نفسها أن الإنسان أعقل مخلوق وجد عليها حدث الآتي :
ركز معي جيدا ..
تخيل أن شخصا ما في مكان ما في هذا الكوكب استغل نعمة العقل و اهتم بالفيزياء التطبيقية والفلكية و الذرية و الحيوية و الجزيئية و البصرية… اهتم بالميكانيكا والديناميكا، بالكهروميغناطيسية .. إلى غير ذلك من علوم الفيزياء. صديقه اهتم بعلوم المنطق و الفلسفة، صديقهم ثالث اهتم بالأدب و الفنون، آخر اهتم بالسياسة والاقتصاد، وآخر بعلوم الاجتماع ..
فكانت النتيجة ثورة فكرية علمية استطاع من خلالها مجتمعهم الوصول لذروة الاكتشاف و الازدهار العلمي.
والآن ركز معي أكثر .. و من الأفضل أن تتناول حبة مهدئ..
شخص في الجهة الأخرى من الكوكب اهتم بعلم الوضوء و الغسل من الجنابة، بينما صديقه كرس حياته للبحث في قضية “من كان على حق علي أم معاوية” ، صديق آخر لهم عاش و مات على قضية “كم كان عمر عائشة عندما بنى بها الرسول” ، شخص آخر كان مختصا في علم التكفير متقمصا دور الإله، عالم آخر (نفعنا الله بعلمه) كتب كتاب عنوانه “نواضر الأيك في معرفة النيك” أعتذر عن الكلمة لكنه فعلا اسم الكتاب.
هؤلاء القوم حرموا الموسيقى، فرضوا الحجاب على المرأة، و منعوها من الاختلاط بالرجل، جعلوا منها ناقصة، غطوها من رأسها لأخمص قدميها و جعلوها تقتنع بأنها عورة، نادوا بمكارم الأخلاق و التقى والعفاف، و لم يطبقوا من ذلك شيئا، اعتكفوا في دور العبادة، وفوا اللحى و قصروا الجلابيب وجعلوا من ذلك سر الإيمان، حاربوا الكفار عند المنابر و دعوا عليهم بالزلازل والبراكين و جميع الآفات لكنهم يستهلكون منتوجاتهم واختراعاتهم عادي .. و يرسلون أبناءهم للدراسة في بلدانهم الكافرة .. عادي جدا، بينما يأمرون أبناء الآخرين بالذهاب للجهاد.
نتيجة كل هذا، أن المجتمع الأول مجتمع مزدهر متقدم عادل إنساني، بينما المجتمع الثاني غريق في مستنقع من الجهل و التخلف، في نزاع مستمر حول الطائفية و النقاب و التحرش و النمص و الفقر و التلوث .. و ما لم يذكر كان أعظم.
السؤال الوجودي :
من في نظركم خليفة الله في الأرض ؟
ملاحظة : إن لم تقل أنه المجتمع الثاني فاعلم أن الشيطان قد منعك.
كلامك أختي فيه جزء من الحقيقة و ليس كل الحقيقة ، بل فيه بعض التحايل على الواقع إن لم نقل تزييف . سردك للخط الزمني يصور لنا الإنسان الغربي كالملاك الطاهر و كنوع آخر من البشر مختلف عنا نحن الدول المتخلفة ، تقدمين لنا صورة لنوع من البشر أخد على عاتقه منذ بداية ضهور الإنسان مهمة تطور البشرية و له كل الفضل في تطور العلوم و الأدب و الفن و القوانين المنضمة لحياة البشر و و نشر حقوق الإنسان و مبادئ التعايش بين الشعوب . حضارة هذا الشخص الأول لم تبنى بشكل كامل بسبب ما ذكرته في مقالك فقط وهنا يكمن جزء من الحقيقة أما الجزء الآخر فهذا الشخص “خليفة الله في الأرض ” منذ وقت قصير كان أجدادك و أجدادي و شعوب “متخلفة ” أخرى تتعرض للإبادة على يديه و هي تدافع عن أرضها و أبنائها ، تدافع عن خيرات وطنها التي تصدر لأرض “خليفة الله في الأرض” ليطور بها فنه و فلسفته و علمه النافع الذي استغل بعضه لتطوير أسلحة يبيد بها أجدادنا ” المتخلفين ” الذين لم يقدمو للبشرية شيئً منذ بدايتها.
أختى تخلف الشخص الثاني ليس له علاقة بما ذكرته فقط ، بل هو نتيجة لعدة عوامل منها أنه جاء في فترة ما بعد إنهيار دولة و حضارة أجداده ، و هذه سنة كونية عبر تاريخ البشرية مرت حضارات مختلفة لشعوب مختلفة من قارات مختلفة و ديانات مختلفة عرفت توهجا إقتصاديا و علميا و سياسية و أجتماعيا مكنها من بسط سيطرتها على شعوب أخرى أقل تطورا . لكن كما يقول المثل دوام الحال من المحال ، تصويرك للشخص الثاني كالشخص المتخلف و تعميم تصورك لشخص واحد على شعوب بأكملها ضلم ، و لاتنسي أنك تنتمين لمجتمع الشخص الثاني. مقالك ينم عن تشاؤم كبير و فقدان الثقة بمجتمعك بل و حتى شيئ من الحقد الدفين تجاه مجتمع تنتمين إليه و ستنتمين إليه لآخر يوم من حياتك . فمثل هذه المقالات لا تفيد في شيئ سوى نشر الإحباط و التشاؤم في شباب يتطلع لتغيير واقعه و النهوض بمجتمعه مهما كانت تقاليده و عاداته و ديانته لا شيئ من هذا يمنع الإنسان من العلم و التقدم .
أنصحك بقراءة التاريخ القريب و تتبع أحداث و أفعال “خليفة الله في الأرض ” في دول و شعوب الشخص الثاني “المتخلف الرجعي”
مجهود يحترم لكن عندي بعض التعقيبات
بالنسبة الفقرة الاولى الشرح العلمي لي شرحتي على كيف حصل الانفجار خاطئ شيئا ما يمكنك التحقق من معلوماتك.
بالنسبة للجهة الاخرى من العالم بدون الحديث عن تاريخهم الاسود مع الدين و الجهل … ليوم را اغلبية الشعوب مكتعطي والو مكتنتج والو بحالنا بحالهم نسبة العلماء مرتفعة نسبيا علاش حيت الدولة و الحكومة عندهم مسطرة ليهم و مسهلة ليهم داكشي حاليا و كتستنزف ما عندنا حتا حنا من أدمغة عن طريق الاغرائات و عندهم تا هوما ناس مختصين فالدين و يوم الاحد يخرجون يطرقون البيوت لشرح 1هو 3 و و و و .
بالنسبة لنا نحن ندور في حلقة مفرغة بارادوكسية من الصعب الخروج منها حيت الى بغينا تغيير العقول خصنا نبدلو النظام التعليمي و باش نبدلوه خصنا نبدلو العقول ?
و الاهتمام بامور الدين ماشي عيب و التشريعات من طرف اصحاب الاختصاص و نتي هنا كتبيني على انك فقط تحتقرين ملي قلتي على داك الكتاب علاش مانعتابروهش كتاب ثقافة جنسية و نعتزو بيه اولا كنكبرو غا بالكماسوترا
خلاصة محد مزال كناقشو المشكل بهاد السطحية و مكنعطيوش حلول را غي كنخربقو عطيني الحل ماشي تقولي هضرة مكيناش و تخافو تهضرو و تقولو الحل …
احتراماتي لك ولمجهودك
لقد ذكرت يا أخي نقطة مهمة نسيت ذكرها في ردي على المقال ، وهي تقديس شعوبنا و ” مثقفينا” للغرب فالكاتبة إعتبرت كتاب عن الجنس دليلا للتخلف و إهتمام الشخص الثاني بالجنس فقط ، لكن لو بحثت قليلا في مكتبة في دولة ” خليفة الله في الأرض” لوجدت المئات أو الآلاف من الكتب الجنسية ، لكنها تعتبرها كتب مهمة و تتكلم عن موضوع مهم و هو الثقافة الجنسية . و قد نسية الكاتبة أيضا ذكر تجارة الجنس في دول “خليفة الله في الأرض” سواء كانت من الأفلام الإباحية أو المجلات الجنسية أو المواقع الإباحية ، و لكن إن أرادت الكاتبة الدليل القاطع على عدم إهتمام “خليفة الله في الأرض” بالجنس فل تبحث عن برامج وثائقية و مواضيع عن تجارة البشر و خصوص النساء اللواتي يتم بيعهن كأدوات جنسية في أرض و من طرف “خليفة الله في الأرض”