من الطبيعي أن يتابع الرأي العام ما يحصل في مختلف بلدان العالم، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواجهات دامية وانقلابات وثورات، وغيرها من التطورات الكبرى، كما حصل في في المحاولة الإنقلابية في تركيا، غير أن الأمر تجاوز حدود الإهتمام والمتابعة، لدى البعض إلى درجة التماهي، مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى مستوى قارب الولاء المطلق.
وإذا كان من الطبيعي لأي شخص متشبع بالمبادئ الديمقراطية، أن يرفض الإنقلاب العسكري، مهما كانت مبرراته، فهذا لا يعني بالمقابل تحويل موضوع تركيا إلى قضية داخلية مغربية، كما يريد البعض، لأن لأردوغان التركي، أجندته الخاصة، تنطلق من مصالح بلده وحزبه، و لا يمكن تنصيبه زعيما للمغاربة، فللمغاربة رموزهم وشخصياتهم وتاريخهم الشامخ، وليسو في حاجة إلى التعلق بشخص مثل الرئيس التركي، خاصة وأنه لا يبدي تعلقا كبيرا، سوى بمصالح حزبه، ومصلحته الشخصية، و لن يأبه حتما “لعشاقه” من المغرب، لأنهم لن يفيدوه في حربه ضد الأكراد، وفي قمعه للمعارضين وسجن الصحافيين، وفي تحالفه مع إسرائيل، وفي ترتيب الوضع لتغيير الدستور، وتنصيب نفسه رئيساً مطلق الصلاحيات.
ربما يفيدونه في تبرير سياساته تجاه البلدان العربية، خاصة في سوريا، حيث لعب دورا محوريا في تقوية تنظيمات “القاعدة”، التي تسمى المعارضة السورية المسلحة، وكان له نصيب وافر في تسهيل قيام تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، علما أن “عشاقه” المغاربة، لم يخفوا أبدا تعاطفهم مع هذا التوجه، بدا ذلك واضحا عندما عبروا عن موقف مناهض للتدخل الروسي ضد “داعش” والتنظيمات الإرهابية في سوريا.
الذي يفسر أيضا هذا “العشق المغربي” الخاص لأردوغان، هو اعتقادهم أن ما يحصل في تركيا، وما اعتبروه انتصارا لأردوغان، سينعكس أوتوماتيكيا على المغرب، حيث ستتدخل المساجد في التحريض لصالحهم، وتستعمل المآذن للدعوة لهم، ليوهموا الناس كما لو كان المغرب، يعيش حالة شبيهة بما وقع في تركيا، في إطار حملة إنتخابية سابقة لأوانها، تستمد موضوعها من قضية بعيدة كل البعد عن أحوال ومشاكل المغاربة، الكبيرة والعميقة، من بطالة وارتفاع في الأسعار وزيادات متوالية في الضرائب ومديونية فاحشة وفساد مستشري وفقر يتضاعف وحقوق تضيع يوميا… هذه هي القضايا التي لن يعالجها أردوغان، مهما بلغت درجة التعلق به من طرف بعض القوى في المغرب.