شغلت محاولة الانقلاب في تركيا الرأي العام المغربي واختلفوا بين مؤيد ومعارض. الأكيد أن من حق أي شخص التعبير عن رأيه و موقفه تجاه حدث معين. قد نتفهم من يعارض الانقلاب لأنه يؤمن بالديموقراطية والصناديق وقد نتفهم أيضا موقف من يؤيد الانقلاب بدعوى أن أردوغان يهدم أسس الدولة المدنية في تركيا والجيش هو من سيحمي ما بناه اتاتورك. لكن لا نجد تفسيرا لصورة اردوغان التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مرفقة بعبارات التقديس في الوقت الذي خرج الأتراك المعارضين للانقلاب للشوارع يحملون الأعلام التركية فقط. لا نجد تبريرا لفرح معارضي الانقلاب بالتصفيات والاعتقالات التي قام بها اردوغان ولا فرحهم بصور الجنود الذين تعرضوا للضرب على أيدي المتظاهرين. فأي منطق هذا الذي يجعلك تدافع عن عودة (الشرعية) وفي نفس الوقت تصفق للجرائم التي ارتكبها (الرئيس الشرعي)؟
ان كنت تدافع عن اردوغان وشرعيته فقط لأنه مسلم وتتغاضى عن اخطائه لأنه مسلم فلا تنزعج عندما لا يتضامن غير المسلمين أو مسلمين من طوائف أخرى مع من يختلف معهم.
إذا فرحت بعدم نجاح الانقلاب لأنك تؤمن كما جاء في تدوينات الكثيرين بأن من تدعمه المساجد لا تهزمه المدافع، فماذا عن مسلمي العراق وفلسطين وثوار سوريا وغيرها من البلدان المسلمة الذين تدعمهم المساجد أيضا بما فيها الحرم المكي، ويدعو لهم ملايين المسلمون يوميا ولكن تهزمهم المدافع فيقتلون ويهجرون… فهل الصلاة في مساجد تركيا هي التي ترفع إلى الله فقط؟ وهل دعم المساجد دليل على صلاح الشخص؟
أما اذا كنت ممن يخونوا أبناء بلدهم لأنهم اختلفوا معهم في حدث لا يعني البلاد من قريب ولا من بعيد، وترى أن ما حدث في تركيا وسيلة من الوسائل التي ستساهم في عودة الخلافة على منهاج النبوة خصوصا بعد أن أكد أغلب الفقهاء و المشايخ أن ما يحدث في سوريا وقتال الملائكة (الذين ثم تصويرهم ) مع الثوار دليل على قرب استعادة الخلافة، فهذا خيانة لوطنك ، فالولاء للوطن يسبق الولاء للأمة العقائدية، فلا يجب أن تهثم بشؤون الامة على حساب الوطن، إذا كان الدين يمنع حتى نقل زكاة البلد الى بلد اخر لأن فقراء البلد أولى، وإذا كان النفي من الأوطان عقوبة، فالحدود لم تكن يوما تراب، والوطن الذي تعيش فيه حرره وبناه أجدادك. فكيف يراودك حلم الخلافة ،كيف تحلم بعودة استعمار يسمى “فتحا”؟ واذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أخرج من مكة “الله حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد” فيجب أن ندعو الله أن يحبب المغرب لبعض المغاربة كحبهم تركيا وغيرها من بلاد المسلمين.
مقال جريء وموفق كالعادة، وأخشى أن يصل بك انفتاحك وعقلانيتك إلى استكشاف “قاع الخابية” كما يقول المثل.