فلتغفر لنا الديمقراطية التي نعتدي عليها ونستعملها حين تكون في صالحنا، ثم نرميها متى ما لم تناسبنا.
لنقرأ الخبر: “وفد من حزب “العدالة والتنمية”، المغربي طبعا وليس التركي، يزور سفارة تركيا تعبيرا عن التضامن والتهنئة بعد فشل محاولة الانقلاب”.
جميل… طبعا، يمكننا أن نتفق جميعا على أن الانقلابات العسكرية مرفوضة ديمقراطيا… لكننا اليوم نكتشف أن بعض قياديي “العدالة والتنمية” المغربي وبعض وزرائه، يقفون خلف الجماعة أكثر من وقوفهم مع الوطن ومع الديموقراطية. الأردوغانيون في المغرب وفي دول أخرى، لا يحتجون على الانقلاب ديمقراطيا بقدر ما يحتجون على محاولة خلع واحد منهم، ويستعملون في ذلك رداء الديمقراطية. لم نر مثلا قادة “العدالة والتنمية” يتضامنون مع الرئيس اليمني هادي بعد انقلاب الحوثيين عليه، ولا تضامنوا مع جمهورية إفريقيا الوسطى بعد انقلاب 2013، ولا مع مدغشقر بعد انقلاب 2009 ولا مع التايلاند بعد انقلاب 2014…
التضامن إذن مع الجماعة وليس ضد الانقلاب.
المتلفعون زُورًا بالديمقراطية، والذين لا يزعجهم الانقلاب إلا حين يطيح بواحد منهم؛ لا يسمعوننا أصواتهم في حق الانقلابات الكثيرة على الديمقراطية التي قام بها أردوكان في تركيا منذ سنوات: سجن الصحافيين والمعارضين بالمئات، إغلاق الجرائد والمواقع الإعلامية المعارضة، إلخ. حتى في تدبير ما بعد الانقلاب، فقد تم اعتقال أزيد من مائة قائد عسكري، أزيد من 6000 جندي، أزيد من 8000 موظف بوزارة الداخلية، أزيد من 1500 موظف بوزارة المالية، أزيد من 3000 قاضي، أزيد من ألفي موظف بوزارة التعليم، (وهي كلها أرقام ترتفع يوميا منذ إفشال محاولة الانقلاب)، أي أن أردوغان، وكما كتب أحد الأصدقاء ساخرا، يقترب من سجن ال48٪ التي صوتت ضده في الانتخابات.
هؤلاء المحتجون ضد محاولة الانقلاب، وإن كانوا على صواب في الموقف المبدئي، إلا أنهم لا يتبنونه بشكل ديمقراطي؛ ولا يدينون التدبير اللا ديمقراطي لما بعد محاولة الانقلاب.
لأن الأصل عند جماعات الإسلام السياسي، في تركيا والمغرب واليمن ومصر.. هو الولاء للجماعة وللفصيل… وليس للديمقراطية ولا للوطن.