لاجئة سورية مقيمة في ألمانيا تشارك في الألعاب الأولمبية لريو دي جانيرو. معظم وسائل الأعلام تركز على قصتها الجميلة إنسانيا: لاجئة تهرب من الحرب. المركب الذي كانت تركبه كاد أن يغرق. برفقة أختها وفتاة أخرى، أنقذت الفتيات الثلاث المركب وأنقذن معه حياة عشرين راكبا. قصة جميلة ومشاركة أولمبية تبعث على الأمل في حياة أفضل بعد الحرب…
لكن… لأن هناك دائما “لكن” في واقعنا البئيس… هناك من لم يرَ فيها إلا جسدا. هكذا، كتب بعض عشاق الموت على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه كان أفضل لها لو ماتت في قارب الهجرة ذاك، على أن تظهر بدون حجاب.
هؤلاء لم يروا في الحكاية برمتها إلا جسدا بلباس البحر. لا الهرب من الحرب حركهم. ولا نجاتها من الموت وإنقاذها لعشرين شخصا آخر؛ ولا مشاركتها في إحدى أهم المسابقات الرياضية عالميا… لا شيء من هذا. كل ما يراه هؤلاء جسد…
يسرى لم تكن وحدها ضحية الكبت. دانيا اللليبية أيضا، بقدر ما فرح الكثيرون باعتبارها أول ليبية تشارك في الألعاب الأولمبية، بقدر ما تلقت وابل الشتائم على ظهورها بدون حجاب وبملابس السباحة.
التونسية إيناس جعلت تونس تحصل على أول ميدالية لها في الألعاب الأولمبية لهذه الدورة… لكن، وبدل الاحتفاء بها، تساءل الكثيرون: من هو الشخص الذي قبلته؟ هل هو زوجها؟ وهل أهلها على علم بذلك؟
قبل كل هذا بسنة، كانت هناك سورية تغرق في البحر.. تحضن ابنها أو جثة ابنها… الصورة لا تخبرنا إن كان حيا أم ميتا… صورة مؤلمة لعبثية الموت الظالم في ظلال حرب تدمَّر فيها الحيوات والآمال… ماذا فعل بعض أذكياء عالمنا المكبوت؟ غطوا شعرها في نسخة أخرى من الصورة
لأنها، وهي تغرق، نسيت أن تضع حجابها…
أرأيتم كل هذا القدر من الهوس بجسد المرأة؟ من الكبت الجنسي؟
باختصار… هناك الكثيرون بيننا من عُنوانهم الكبت. في الرياضة، في الفن، في السينما، في الحرب… لا يحركهم إلا قضيب منتصب.