كتبت الصحيفة الأمريكية الواسعة الانتشار، هافينغتون بوست، اليوم الأحد، أن الخطاب الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس للأمة بمناسبة الذكرى ال 63 لثورة الملك والشعب يعد بحق نشيدا للقارة الإفريقية وللسلام بالعالم.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفحوى السامي للخطاب الملكي عانق القضايا الكبرى الراهنة، ابتداء من تحديات التنمية، إلى آفة الإرهاب، مرورا بروح الوطنية الأصيلة والهجرة والمصالحة بين الأمم والدين.
وأكد كاتب المقال التحليلي، أحمد الشرعي، الناشر وعضو مجلس إدارة العديد من مراكز التفكير الأمريكية، أن “الخطاب الملكي الذي لقي صدى لدى الغاربة بكل مشاربهم وأجيالهم، يتفرد أيضا بآفاقه الممتدة وتأويلاته المتعددة بالنسبة للقارة الإفريقية وخارجها”، لافتا إلى أن جلالة الملك أبرز أن “هذه المرحلة من التاريخ تحمل طابع التعاون والتضامن بين قيادات المقاومة المغربية وجبهة التحرير الوطني الجزائرية”.
كما قدمت المقاومة المغربية، يضيف جلالة الملك، الدعم المادي والمعنوي للثورة الجزائرية، في مواجهة الحملة العنيفة، التي كانت تتعرض لها، من طرف قوات الاستعمار، التي كانت تريد القضاء عليها، قبل الاحتفال بذكراها الأولى.
وأشار جلالة الملك إلى أن تلك الانتفاضة، وذلك التضامن، ساهما في إعادة الروح للثورة الجزائرية، كما كان للبلدين دور كبير، في تحرير واستقلال إفريقيا.
في هذا السياق، أبرزت (هافينغتون بوست) أن جلالة الملك شدد على أنه “ما أحوجنا اليوم، في ظل الظروف الراهنة، التي تمر بها الشعوب العربية، والمنطقة المغاربية، لتلك الروح التضامنية، لرفع التحديات التنموية والأمنية المشتركة”.
ولاحظت الصحيفة الأمريكية أن فحوى الخطاب الملكي يحمل في طياته دلالة خاصة بالنظر إلى الظرفية الراهنة والعلاقات بين المملكة والجزائر على خلفية النزاع المفتعل حول مغربية الصحراء، معتبرة أنه “خلال الأشهر الأخيرة، هناك مؤشرات بهذا الخصوص تفيد بوجود وعي بالجزائر بالعواقب المزعزعة للاستقرار لهذا النزاع بشمال إفريقيا والساحل، والتي تفاقم منها الضائقة الاقتصادية التي تعيق المنطقة، وهي من بين عوامل أخرى تحث على الانضمام إلى المغرب في جهوده الرامية إلى تسوية النزاع تحت رعاية الأمم المتحدة”.
وفي سياق جيواستراتيجي أوسع، كان خطاب جلالة الملك مناسبة من أجل تسليط الضوء على “الدور المتنامي” للمملكة بإفريقيا كما تبرز ذلك الزيارات المتعددة لجلالة الملك إلى القارة.
ونقلت الصحيفة مقتطفا من الخطاب الملكي جدد فيه جلالته التأكيد على أن “إفريقيا بالنسبة للمغرب، أكثر من مجرد انتماء جغرافي، وارتباط تاريخي. فهي مشاعر صادقة من المحبة والتقدير، وروابط إنسانية وروحية عميقة، وعلاقات تعاون مثمر، وتضامن ملموس. إنها الامتداد الطبيعي، والعمق الاستراتيجي للمغرب”.
وبخصوص قضايا الهجرة وآفة الارهاب، لاحظت (هافينغتون بوست) أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس دعا المغاربة المقيمين بالخارج ل “التشبث بقيم دينهم، وبتقاليدهم العريقة، في مواجهة ظاهرة التطرف والإرهاب الغريبة عنهم”، و ل “توحيد صفوفهم وأن يكونوا دائما في طليعة المدافعين عن السلم والوئام والعيش المشترك في بلدان إقامتهم”.
واعتبرت صحيفة (هافينغتون بوست) أن هذه الدعوة الملكية تعد بمثابة رجع صدى للجهود الدؤوبة التي يبذلها المغرب، تحت القيادة الحكيمة لجلالة الملك، بهدف قطع الطريق على التطرف الديني، كما تدل على ذلك العديد من الأمثلة البارزة، من بينها على الخصوص البرنامج الذي بثته قناة السادسة حول مؤتمر محاربة التطرف الديني الذي استضافه المسجد المغربي بمدينة فرانكفورت الألمانية.
بهذا الصدد، أشارت الصحيفة إلى أن جلالة الملك أدان، في خطابه، إقدام إرهابيين على قتل راهب فرنسي بنورماندي، مشددا على أنه “أمام انتشار الجهالات باسم الدين فإن على الجميع، مسلمين ومسيحيين ويهودا، الوقوف في صف واحد من أجل مواجهة كل أشكال التطرف والكراهية والانغلاق”.
وخلصت الصحيفة الأمريكية إلى أن هذه الكلمات، الملقاة نيابة عن بلد معروف بتقاليده العريقة وتبنيه للإسلام المتسامح، هي جزء لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي بالمملكة ولسياسة الدولة المغربية”.