يحدث أن تجد في المغرب إسلامي يتشدد في الأحكام الشرعية و يهاجم الحريات الفردية و يندد بكل مظاهر التحرر و الاختلاف، ينادي بالحجاب و ينعل التبرج، يطالب بفصل الجنسين في إطار الخوف من الفتنة و الوقوع في الحرام، يوصي بغض البصر و عدم المصافحة، يعتبر الابتسامة والنظرة تحرش، يمارس الوصاية على الآخر و يحاول بكل ما لديه من مؤهلات مادية و معنوية أن يفرض إيديولوجيته على الآخر المختلف عنه ..
و في المقابل تجده يقول ما لا يفعل، يحاول قلب المفاهيم لصالحه، منذ متى تحول الزنا إلى حلال طيب ؟ منذ متى شرع الزواج بالفاتحة في القانون المغربي ؟ منذ متى كانت الخلوة بالأجنبي أو الصداقة بين الجنسين شيء عادي عند الخوانجية ؟
عندما تطالبني أن أؤمن بالحرية الفردية لشخصيتين إسلاميتين خوانجيتين يحاربان كل مظاهر هذه الحرية فأنت كمن يطالبني بتشجيع شخص علماني حداثي ينادي بتطبيق القصاص، أو كمن يطالبني بتشجيع عضو من جمعية حقوق الإنسان و هو ينادي بتعدد الزوجات ..
صحيح أن من بين مطالبنا في هذا البلد الإيمان التام بالحريات، ذلك يعني أن نؤمن بها عندما يمارسها الحداثي و الإسلامي على حد سواء، كل منهما له حق ذلك، لكن المختلف هذه المرة أن تكون قياديا إسلاميا تقود رهطا من الجمهور و تلقنهم دروسك الأخلاقية الدينية .. تحارب و تندد بالحريات بينما تمارسها أنت في الخفاء ! هنا يجب علي محاسبتك، و من يفوت هذه الفرصة لا يؤمن بقضيته لسبب وجيه، ألا وهو أننا في المغرب و في ظل حرب فكرية و إيديولوجية و ثقافية، لسنا في بلاد علمانية تضع على رأسها تاجا من الحرية !
نعم أنا ضد قانون قمع الحريات الذي يمارسه علينا المخزن، و يمكنني أن أدافع عن ذلك لصالح الحداثي و الإسلامي عندما يتعلق الأمر بأفراد عاديين، قضيتي هي أن أدافع عن حرية ارتداء الحجاب و عن حرية الإفطار العلني خلال رمضان .. لكن عندما يتعلق الأمر بقياديين ضد الحريات الفردية فقضيتي كذلك توجب علي محاسبتهما ..
معركة الحرية ضد المخزن، و معركة الحرية ضد الخونجية قضيتا الحداثي الحقيقي، أما قضية مع من يقف ضد من فهذا من ذكاء تعامله مع الموقف.