عائشة عز تكتب : العدالة والتنمية بين دم القرابة ودم السيف

يبدو أن فئات عريضة جدا من الشعب المغربي تعيش مرحلة نصب واحتيال كبير من طرف العدالة والتنمية كجماعة دينية تعد واجهة حزبية للإسلام السياسي ببلدنا، بكل ارتباطات هذه الجماعة/الحزب بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، الذي لم ينفصل يوما عن التيارات الراديكالية للإسلام السياسي بما في ذلك السلفيات الجهادية التي يمكن أن نعتبر الدم هو شعاراها  الأبدي، ما بين الولادة والموت، لا تعرف سوى قيم الدم وتبعاتها في عذاب القبر والجهاد وسفك الدماء من غير حق، ما يجعلهم يلوون عنق النص الديني حتى يتماشى مع نزواتهم الدموية، ويستغلون السنة والتاريخ الإسلامي بشكل بشع لتبرير تطرفهم وإعلان القرابة أداة لتقوية شوكتهم، ألم يقل “الملا” القباج شيخ طالبان المغرب، والمعروف براديكاليته المفرطة بأن فاطمة النجار في مرتبة عائشة زوجة بنينا الأكرم (ص)، والتي برأها الله تعالى  بآية قرآنية من واقعة الافك، معلنا بذلك الانتصار إلى الجماعة، ضداً على كل قيم الوطن والمواطنة، وبالرغم من  تنصيص الدستور المغربي، وكل الأعراف السياسية والمدنية على عدم استغلال الدين في السياسة، فإن العدالة والتنمية لم يعمل طيلة ترأسه للحكومة الحالية  إلا على الإساءة للدين وللثوابت الوطنية التي يتضح أنها مهددة أكثر من أي وقت فات إذا استمر تحايل هذا الحزب على البسطاء من الشعب المغربي باسم الله وباسم الدين. والله منهم براء.

إن الاطلاع على اللائحة الوطنية للحزب المأسوف على وجوده في المشهد السياسي المغربي سيستنتج  مركزية دم القرابة في قاموس التواصل والعمل السياسي  لديه، إذ تحضر الزوجة، والبنت، والأخت، ضداً على الديمقراطية المفترى عليها باسم الدين…. وإذا كانت بعض الأحزاب الأخرى  قد عرفت بالظاهرة العائلية من خلال ترشيح الأقارب، فإن المتتبع يشهد برفض القواعد الحزبية والمجتمع المدني للظاهرة، التي تمر في صمت ولا يستطيع أحد أن يبررها أو يعطيها شرعية، لكن حزب العدالة والتنمية يسبغها بشرعية دينية من خلال اعتبار القيادة وجماعة التوحيد والإصلاح أولي أمر منخرطي الحزب (التابعين)، وطبعاً هم يعتبرون أنفسهم أولياء أمر الشعب المغربي الذي ليس سوى رعية لن يستقيم حالها إلا بإحياء دولة الخلافة، لذلك فنموذج الخلافة والقرابة جاهز في درج الماضي السحيق، بدءا بمعاوية ويزيد، وكيف كانت الولاية تمنح للأقرب، فالقريب، حسب درجة حرارة الدم. وطبعاً من كان يرفض كان السيف جاهزاً، وفتاوى سفك دماء الأبرياء  تزخر بها كتب الإسلاميين، وابن تيمية في “السيف المسلول ” يعتبرونه مرجعا مهما لا يعلى عليه.  حتى أن الشيخ الوهابي لعريفي في فتاويه العابثة بالعقل وبالدين والإيمان وكل أعراف الإنسانية ، الذي يعتمد ابن تيمية بدل اعتماده على نبينا الكريم، تلقى دعوة كريمة جدا من العدالة والتنمية بمباركة من بنكيران  كي يلقي محاضرة في المغرب، ولكن لحسن الحظ ألغيت بعد ضغط فعاليات المجتمع المدني المغربي الحذر والقوي، فكيف، إذن لحزب في العالم أن يستضيف رجل يفتي بجهاد النكاح، وتحريم خلوة الأب ببنته إلخ من الفتاوى الهمجية.

وما دمت أحب في نقاشاتي السياسية أو الحقوقية أن أناقش بالدليل والحجج، فإنني لن أجد أفضل من تدوينات وتصريحات أعضاء شبيبة الحزب، بل وبعض برلمانييه، فيما يخص تهديداتهم بالقتل والسحل للمعارضين من الأحزاب الأخرى، ورغبتهم الكبيرة في التنكيل باليسار، ولا يخفى ما يكنه الحزب الحاكم من عداء مجاني للاتحاد الاشتراكي والأصالة والمعاصرة. وبما أن الدم مؤسس رمزي لشعاراتهم وخطابهم حتى وان حاولوا إخفاءه تقية حتى يصلون إلى التمكين، فإنهم يعتبرون دعوات القتل حرية تعبير كما أكدت البرلمانية ماء العينين.

إننا، وأنا أناشد الشباب المغربي وكل عموم المواطنين، الدفاع عن بلدنا وعن حاضرنا ومستقبلنا ، في وضع خطير شعاره الدم بين الانتصار للقرابة والجماعة على حساب الوطن والبلد، والانتقال نحو السيف، ولغة تهديداتهم واضحة لا تحتاج لدليل أو شرح .

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة