فقد أب الفنون المغربي أحد دعائمه التأسيسية منذ فجر الاستقلال، ودق الركح آخر ضرباته حزنا على رحيل أب المسرح المغربي الطيب الصديقي عن عمر يناهز 76 سنة، بعد صراع طويل مع مرض عضال.
ورحل الصديقي عن دنيانا قبل قليل ببيته في الدار البيضاء بعد أن راكم تجربة فنية فريدة.
ويعتبر الطيب الصديقي رائدا للمسرح المغربي والعربي، وصاحب تجربة طويلة تعدت المسرح والسينما لتصل إلى الكتابة الأدبية والرسم التشكيلي.
ولد الطيب الصديقي سنة 1939 في مدينة الصويرة الهادئة ليبدأ مشوارا فنيا صاخبا امتاز بتكوين عالي في فرنسا على يد كبار أساتذة الدراما في خمسينيات القرن الماضي، ليخلف وراءه إرثا مسرحيا وفنيا ضخما، يتجسد في اقتباسه لأكثر من 36 عملا مسرحيا عالميا، كما كتب 24 مسرحية من بنات أفكاره الخاصة، وأخرج ما يناهز 84 عملا مسرحيا، تبقى أشهرها مسرحية “الحراز”، التي اكتشف فيها الصديقي موهبة شباب سيشكلون النواة الصلبة لمجموعة “ناس الغيوان”.
عبقرية الصديقي الفنية لم تقف عند حدود خشبة المسرح بل تعدته لتصل إلى السينما من خلال مشاركته في أكثر من 18 عملا سينمائيا، أشهرهم دوره التاريخي في رائعة المخرج العالمي مصطفى العقاد “الرسالة”.
ولأن هوى الصديقي كان موشوما دوما بهم الإبداع، انتقل هوس الراحل في آخر مراحل حياته إلى عشق الفن التشكيلي، ليعتكف في منزله بالدارالبيضاء داخل ورشة الرسم، ويكشف عن نبوغ تشكيلي من نوع خاص، تميز بحبه للخط العربي.
ويدخل تصنيف الطيب الصديقي بلا مبالغة في خانة رواد المسرح العربي كالسوري عبدالله ونوس وآخرين، ويعود له الفضل في اكتشاف وجوخ فنية عديدة، إد يمثل مدرسة فنية قائمة الذات، إذ شكل الراحل مجموعة من الفرق المسرحية، أبرزها “المسرح الحوال” و”مسرح الناس” و”المسرح العمالي”.
وشغل الطيب الصديقي، الذي امتاز قيد حياته بعفويته في الحديث وروح الدعابة، عدة مناصب خلال فترة السبعينات، وشغل منصب المدير الفني لمسرح محمد الخامس، ومديرا للمسرح البلدي للدارالبيضاء في الفترة الممتدة من 1964 إلى 1977، كما اختير عضوا في المؤسسة الدولي للمسرح التابعة للمنظمة الأممية “يونيسكو”.
وسبق للطيب الصديقي أن وشح بوسامين ملكين: وسام المسيرة الخضراء سنة 1976 ووسام الكفاءة الأدبية والفنية من درجة فارس منحته له فرنسا سنة 1979، ليعاد توشيحه مرة أخرى في بلاد الأنوار بالوسام ذاته لكن سنة 1983، ثم وسام الكفاءة الفكرية الذي وشحه به الملك محمد السادس سنة 2004.