بدأت صباح اليوم الثلاثاء بالرباط أشغال دورة استثنائية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي ستخصص بالأساس لتشكيل لجنة مؤقتة تتولى إعداد مقترح رأي حول مشروع القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي.
ويأتي الشروع في إعداد رأي حول مشروع القانون الإطار بناء على طلب توصل به المجلس من رئيس الحكومة في 27 يوليوز الماضي.
وستشكل هذه الدورة الاستثنائية أيضا فرصة للمناقشة وتقديم الاقتراحات والتوصيات الأولية في شأن مشروع القانون الإطار الذي يعد الأول في تاريخ الإصلاحات التربوية بالمغرب.
واعتبر رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي عمر عزيمان في كلمة افتتح بها أشغال الدورة أن الأمر يتعلق “بلحظة وازنة ” بالنسبة للبلاد بالنظر إلى أنه ” منذ الاستقلال لم ننجح في الاتفاق على التوجهات والمبادئ والاختيارات الكبرى لمنظومتنا التربوية”.
وأضاف عزيمان أن المغرب تمكن اليوم من تحقيق القطيعة مع هذه الإشكالية “وذلك بتقريب المواقف وتقاسمها ومن ثم تأسيس أرضية تفاهم والتقاء”.
وأشار إلى أنه بالرغم من أن المغرب شهد لحظة توافقية قوية في هذا المجال تجسدت في اعتماد الميثاق الوطني للتربية والتكوين ” الذي كان ومازال يمثل خطوة متقدمة وإطارا مرجعيا ملهما ” إلا أن اللحظة الراهنة ” تعد أكثر قوة ووزنا وحدثا فاصلا وحاسما لكونه يتعلق بنحت المبادئ الموجهة للإصلاح ضمن قانون –إطار لمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وهو القانون الذي سيكون أسمى تعبير عن إرادة الأمة، ملزم للجميع وذو قوة إلزامية تسري على الجميع”.
وحرص عزيمان على التوضيح بأن مشروع القانون الإطار ” ليس مجرد تقنين لمقتضيات وقواعد طارئة وفرعية أو تحديد لتقنيات وآليات ، بل هو بالأساس ترسيخ لمبادئ وقيم تهم حاضرنا ومستقبلنا”.
وتتصل هذه المبادئ والقيم، حسب المصدر نفسه، عضويا بالإنصاف وتكافؤ الفرص لفائدة جميع الأطفال والشباب، فتيات وفتيانا، في ضمان حقهم لولوج التربية والتكوين والثقافة دون أي تمييز كيفما كان نوعه.
كما أن هذه المبادئ والقيم تتصل مباشرة، حسب رئيس المجلس ، بجودة تعليم يخاطب العقل والذكاء ويرتقي بملكات التحليل النقدي والتركيب، ويسعى إلى إعداد الأجيال الصاعدة للتعاطي مع مختلف وضعيات الحياة ، سواء في الحاضر أو المستقبل.
وتتصل أيضا، يضيف رئيس المجلس، وبشكل وثيق بالتفتح الفردي للشباب ، الكفيل بتمكين كل واحد منهم من إبراز أفضل ما لديه من طاقات ومهارات ومواهب وكذا بتطور المجتمع برمته عن طريق إسهام المدرسة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وتعزيز التحلي بقيم المواطنة وفضائل السلوك المدني في الممارسات اليومية للأفراد والجماعات والمؤسسات.
وبعد أن عبر عن الاعتزاز بهذه الفرصة التي أتيحت لأعضاء المجلس للمساهمة في تأهيل المنظومة التربوية، أكد عزيمان أن هذا العمل لم يكن ليرى النور ” لولا المبادرة السامية لجلالة الملك الذي نبه إلى الاختلالات والتراجعات والترددات التي تعيشها المنظومة التربوية ، موجها جلالته الدعوة للأمة من أجل القيام بوقفة مع الذات هدفها تحقيق إصلاح شامل للمدرسة المغربية”.
كما يعود الفضل في إنجاز هذا العمل ، يقول عزيمان ، إلى ” القرار الملكي المتبصر بإعادة تنظيم المجلس الأعلى للتعليم وتكليفه بإعداد خارطة طريق للإصلاح التربوي مع مواكبة هذا التكليف بعناية ملكية خاصة في تتبع وإعداد الرؤية الاستراتيجية والمصادقة على محتواها وإعطاء التوجيهات السامية باتخاذ التدابير الكفيلة بالانطلاق في تطبيقها الفوري مع الدعوة إلى وضع قانون إطار يضمن استمرارية الإصلاح ويحصنه من التراجعات ويؤمنه من التقلبات الظرفية”.
وأوضح رئيس المجلس أن الدورة الاستثنائية ما كانت لتنعقد أيضا لولا ” التعاون الذكي والمثالي للحكومة، التي تجاوبت مع المجلس، منذ بداية هذا المسلسل باسهامها في رسم ملامح الإصلاح وفي تلك الرؤية الاستراتيجية والتعاطي البناء معها ومباشرة التحضير لمشروع القانون الإطار والمبادرة بطلب رأي المجلس”.
كما نوه عزيمان بمشاركة الفاعلين السياسيين والنقابيين والفرقاء الاجتماعيين والمهنيين وهيئات المجتمع المدني والمنظومة الإعلامية بكل وسائلها وقنواتها.
غير أن عزيمان حرص على أن يؤكد بأن الأمر يتعلق ب” كوننا قطعنا شوطا من بين أشواط أخرى لاحقة ، تنتظر منا تضافر الجهود لإنجازها ذلك أن عملنا ، في ارتباط بتحقيق أهداف الإصلاح ، ما يزال بعيدا عن نهايته”.
يذكر أن مكتب المجلس قدم للجمعية العامة تصورا تضمن مقترحات بخصوص تركيبة اللجنة المؤقتة التي ستتولى دراسة مشروع القانون الإطار وإعداد مقترح رأي فيه في أفق عرضه لاحقا على مكتب المجلس الذي سيحيله على مداولات الجمعية العامة للمجلس قصد المصادقة.
كما تشمل هذه المقترحات تحديد المهمة المناطة بهذه اللجنة المؤقتة وكذا وضع أجل زمني لإنجاز المهمة.