فوجئت وأنا أطلع على بيان منتدى الكرامة في واقعة البحر لكوبل التوحيد والإصلاح على مدى الجهل الفاضح لنصوص قانون المسطرة الجنائية التي لا يقع فيها مبتدئ في مجال القانون باعتبارها من المسلمات والبديهيات، فما بالنا بجمعية حقوقية ،مما يطرح سؤال الحد العلمي الأدنى المفترض العلم به من طرف من يشتغل في المجال الحقوقي ،وهو ما يجعلنا أمام جمعية دعوية بعيدة كل البعد عن المجال القانوني وتصيغ بياناتها بطريقة الفتاوي التي تعتمد الحيل والتدليس في تبرير ما لا يبرر وفي تأسيس ما لا يؤسس له ،وفي نقد الواضح والسليم من الأعمال القانونية ببدعة التضامن المقيتة ولو بإنكار وجود القانون أو ابتداع واقع غير ما تمت معاينته ومشاهدته ولو تعلق الأمر بما أقر به المعنيان أو ما أفرزاه من سائل منوي ومن باب الجهل الفاضح عدم التمييز بين الجنحة والجناية لأن الخيانة الزوجية مجرد جنحة وليست جناية ،وعدم التمييز بين البحث التمهيدي والتحقيق الّإعدادي لأن الجنحة محل البحث لا مجال للتحقيق فيها ،وعدم التمييز بين البحث التمهيدي والبحث التلبسي لأن البحث التلبسي لا يشترط فيه أخذ إذن النيابة العامة في وضع المعني رهن الحرسة النظرية وإنما إشعارها فقط ،وفي عدم العلم بشروط التلبس،لأن التلبس يعني الضبط حالة ارتكاب الجريمة أو على إثر ارتكابها مما يدل على قيامها بآثار أو قرائن كالسائل المعنوي المحفوظ والمحجوز الذي لم ينكر المعني صلته به،ناهيك عن عدم العلم بالاختصاص الوطني لأعضاء الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
والأخطر من هذا وذاك كيف لبيان المنتدى الدعوي المذكور أن يحتج على إجراء قانوني وضعه المشرع لفائدة المتابع بالتبليغ عن زوجه للتعبير عن نيته في الشكوى من عدمها لتقرر النيابة العامة على ضوء ذلك المتابعة ،فهل وصل الجهل لحد التناقض مع مصلحة موكلها،فضلا عن عدم إدراك الفرق بين الشكاية كشرط للمتابعة والبحث أو التوقيف الذي لا يستلزم وجود أي شكاية .
والأدهى والأمر تمرير مغالطة كبيرة سواء فيما يتعلق بعدم الإشعار بالحق في الصمت أو في القول أن النيابة العامة تابعت المعني بالامر بنحماد بجنحة الخيانة الزوجية في حين أن تنازل الزوجة غل يد النيابة العامة في تحريك أي متابعة في الموضوع لان الشكاية شرط لوجودها واستمرارها ،فأين التحريض إذن في تطبيق القانون . إن التحجج بالحرية الشخصية أو بحماية الحياة الخاصة لا مجال له في حالة ارتكاب الجرائم ،لأن الحقوق والحريات ليست مطلقة بل هي مقيدة باحترام القانون ،فلا توجد حرية أو حق في ارتكاب الجرائم أو في الدفاع عنها شفاهة أو البيانات ،لأن الحرية هي أن تتناغم مع ما يسمح به القانون ،وهذه من أبجديات القواعد القانونية والحقوقية ،اللهم إذا كان يسمح لمستغلي الدين أو تجاره في ممارسة حقوق أو حريات خاصة غير معترف بها لباقي المغاربة ،لأن عصمتهم أو مثاليتهم تقيهم شرور المحاسبة والمسؤولية طبقا للقانون،لكون التدين مظهر لتعظيمهم وتقديسهم وعدم البحث أو متابعتهم أو مؤاخذتهم طبقا للقانون ،فهم الاخيار والمؤمنين وغيرهم الأشرار والكفار. والجريمة الكبرى هي الظهور بمظهر المدافع عن الحقوق والحريات تارة وبالخوف من إفساد الأخلاق وتوقي سخط المجتمع أو بالاصح الاتباع ونحن في مرحلة الانتخابات بالمطالبة بتعديل الفصول 490و 491 و 492 من القانون الجنائي دون توضيح للرأي العام عن شكل التعديل ومضمونه وشروط ضبطه لتوقي سوء استخدامه ،فضلا عن التدليس المتمثل في عدم تبيان الجرائم موضوعها بالتسمية لتعميم المعلومة القانونية للجميع مخافة مخالفة شرع الله وفق منظورها ومنظور منتسبيها . وبخصوص اقتراح الإلغاء فقد تم جعله صيغة أخيرة لكن اللافت أن يتم التناقض معه مباشرة بعد صدور البيان الكتابي بعلة الخوف من ردة فعل الاتباع بالقول أن المنتدى لم يقترح الإلغاء في خطوة أقل ما يمكن وصفها بالكذب والنفاق وهذا ما أكده الادريسي عضو المنتدى حينما اعتبر أن البيان رغم صراحته ووضوحه لا يدعو إلى إلغاء الفصول المجرمة للعلاقات الجنسية خارج إطار الزواج ولا إلى رفع التجريم عن الخيانة الزوجية.
هذا البيان يحتم على المنتدى إجراء مراجعة قانونية وحقوقية لفكر أعضائه الذين تكلفوا بصياغة البيان ،والفصل بين الدعوي والحقوقي ،والفعل الحقوقي والبيان التضامني ،وأخيرا إجراء مقاربة للتمييز بين النقد والتشكيك في عمل المؤسسات وأيضا تطوير عمله لتجنب التأثير على القضاء ببيانات واتهامات مجانية تحت الطلب . وتبقى أهمية البيان في كونه أصبح مادة دسمة لاختبار مؤهلات الطلاب في كليات الحقوق في كشف عوراته ونكته القانونية في مادة قانون المسطرة الجنائية وتقييم درجة الخطورة في التجني عليها وأخيرا في تقييم أهلية الجمعيات الحقوقية في اكتساب هذه الصفة أو المطالبة بإسقاطها.