أكد الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة أنيس بيرو على الدور الذي تضطلع به الثقافة في إدماج المهاجرين المغاربة ومحاربة التطرف في بلاد المهجر.
جاء ذلك في مداخلة لبيرو خلال مشاركته في ندوة نظمت مساء أمس الثلاثاء ببروكسل إلى جانب السيد سفين غاتز وزير الثقافة والإعلام والشباب وشؤون بروكسل بالحكومة الفلامانية.
وأكد أنيس بيرو أن التطرف، بجميع أشكاله، يهدد بتقسيم المجتمع وتفتيت النسيج الاجتماعي واصفا إياه ب”السرطان” الذي يدمر التعايش والروابط الاجتماعية ويوظف الأفراد الأكثر هشاشة من أجل نشر الكراهية وإشعال فتيل المواجهات والحروب الأهلية.
وقال إن مواجهة هذه التهديدات تتطلب تنسيقا وتعاونا مشتركا داعيا إلى التفكير بشكل جماعي، في ظل هذه الظروف الصعبة، لإيجاد السبل والوسائل لهدم جدار الخوف وتخفيف حدة التوتر وتفكيك الدعاية المروجة للكراهية والعمل على إعادة الثقة.
وذكر في هذا الصدد بالخطاب الذي وجهه صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى ال 63 لثورة الملك والشعب والذي دعا فيه جلالته ” المغاربة المقيمين بالخارج ، للتشبث بقيم دينهم، وبتقاليدهم العريقة، في مواجهة هذه الظاهرة الغريبة عنهم ” وحثهم ” على الحفاظ على السمعة الطيبة ، المعروفين بها، والتحلي بالصبر ، في هذا الظرف الصعب، وعلى توحيد صفوفهم وان يكونوا دائما في طليعة المدافعين، عن السلم والوئام والعيش المشترك، في بلدان إقامتهم”.
وأبرز السيد بيرو أن المغرب انخرط في مسلسل للحوار بين الثقافات من خلال منتديات للتبادل والسلام كتحالف الحضارات، ومؤسسة آنا ليند، ومؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة التي تعمل على نشر نموذج للإسلام المالكي معتدل ومنفتح.
كما انخرط المغرب من أجل هذا الهدف، يضيف الوزير، من خلال مؤسساته كمؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج التي تعمل على تعزيز الإشعاع الثقافي الوطني في بلاد المهجر وتعميق مبادرات الشراكة مع المجتمع المدني.
وأكد في هذا الصدد أيضا على الدور الذي يقوم به مجلس الجالية المغربية بالخارج والذي يشكل قوة اقتراحية ويهتم بالقضايا الثقافية والدينية وتلك التي لها علاقة بالهوية.
وأبرز الجهود التي تقوم بها الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة من خلال تعبئة الفاعلين الجمعويين من أجل تقديم الدعم المدرسي والنهوض بالثقافة المغربية وإحداث مراكز ثقافية للمغاربة المقيمين بالخارج.
وحث بيرو بلدان الاستقبال على أن تكون في نفس درجة التعبئة، مؤكدا على حق المواطنين البلجيكيين من أصل مغربي ولوج موارد الثقافة واللغات والدين لبلدانهم الأصلية، من أجل تدارك الفراغ الهوياتي الذي يضعف عددا منهم.
وشدد على ضرورة التعريف بالتاريخ الوطني وتاريخ المهاجرين عن طريق تكوين رجال تعليم بلجيكيين في مجال الثقافة وغنى الحضارة العربية الإسلامية، وكذا من خلال سياسة الانفتاح على الحق في التعليم والتكوين والترفيه من أجل توسيع مجال الحقوق الفردية.
من جهة أخرى، أكد الوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة على ضرورة عدم الوقوع في الخلط واختصار قضايا الإسلام في أوروبا في ظاهرة التطرف مؤكدا أن المتطرفين والإرهابيين لا يمثلون سوى نسبة ضئيلة من الجالية المسلمة ببلجيكا التي لا علاقة لها بالإرهابيين.
من جانبه، قال سفين غاتز وزير الثقافة والإعلام والشباب الشؤون في بروكسل بالحكومة الفلامانية، إن حكومته تقوم بمجموعة من المبادرات من أجل إدماج أفضل للمهاجرين، خاصة الذين هم في وضعية هشة، من خلال ضمان الولوج إلى التعليم ومحاربة التمييز في مجال الشغل وخلق فضاءات للحوار والتبادل الثقافي.
وشدد على أهمية الثقافة كرافعة لبناء مواطنة جديدة وفعالة تأخذ بعين الاعتبار الطابع المتعدد الذي تعرفه العاصمة بروكسل.
وأشاد غاتز بمضامين الخطاب الملكي ليوم 20 غشت والذي دعا فيه جلالة الملك المواطنين المغاربة إلى التحلي بروح المواطنة المسؤولة في بلاد المهجر.
ولإعادة الاعتبار للتضحيات التي قدمها المغاربة لبلجيكا وأوروبا عموما خلال الحربين العالميتين، وكذا للجيل الأول من المهاجرين المغاربة الذي استقروا ببلجيكا، قال الوزير الفلاماني إن التفكير جار لإدراج دروس ضمن البرامج التعليمية لحفظ الذاكرة وتعريف الأجيال الجديدة بهذه الفئة من المهاجرين.
وناقش الحضور الذي ضم أساتذة جامعيين وأدباء وممثلي النسيج الجمعوي المغربي ببلجيكا أهمية الثقافة في الحفاظ على هوية أفراد الجالية المغربية وحمايتها من التطرف الديني داعين إلى مزيد من التعبئة من خلال سياسات شمولية تقوم بإدماج المهاجرين ومواكبتهم.
كما أكدوا على ضرورة توثيق وحفظ ذاكرة أفراد الجالية المغربية ببلجيكا من خلال تعزيز حضورها بالمتاحف الوطنية والمقررات الدراسية.