“البوركيني”، مصطلح أنضم حديثا إلى القاموس اللغوي وانتشر في الإعلام العالمي، لكن ما هي خلفيات فكرة هذا اللباس الذي أثار وما يزال يثير الكثير من الجدل؟ DW حاورت مصممة “البوركيني” الأسترالية من أصل لبناني عاهدة زناتي.
DW عربية: كيف تبادرت إلى ذهنك فكرة “البوركيني”؟
عاهدة زناتي: جاءت لي الفكرة في عام 2004 عندما كانت ابنة أختي تمارس أحد الرياضات الشاطئية وكان بالنسبة لها عقبة كفتاة مسلمة أن ترتدي ملابس السباحة، فارتدت زي السباحة وتحته وفوقه بعض الملابس لأنها كانت ترتدي الحجاب ولم ترد تغيير شكل ملبسها كي تكون في فريق رياضي. من هنا جاءت الفكرة وصممت البوركيني ذو القطعتين والمزود بغطاء للرأس أيضا كي يكون مناسبا لتغطية الجسد.
ومن بعدها ارتدته ابنة أختي وطٌلب مني أن أنفذ نفس التصميم لمنقذي راكبي الأمواج حيث كانت بينهم فتاة مسلمة، ومن بعدها انتشر البوركيني وحظي بإقبال لأن كثيرات يرغبن في تغطية أجسادهم من الشمس في أستراليا و ليس فقط لأسباب دينية، بل أسباب صحية أيضا.
من أين جاءت فكرة التسمية “بوركيني”؟
حينما كنت أحاول تسويق البوركيني في البداية وقبل أن أعطيه اسما كنت أشرح للسيدات كيف هو قطعتين وكٌن يعتقدن بأنه بكيني. فكنت أزيد شرحا بأنه يغطي الجسد كله وكنت أقرأ مقالا فوجدت في العنوان ‘ لقد نزلوا البحر بالبرقع’ ولفتت انتباهي كلمة برقع فبحثت عنها في القاموس دون أن أكمل قراءة المقال، وفي ذلك الوقت كان تعريف الكلمة أن البرقع قطعة من القماش تغطي الجسد ـ ولم يذكر الوجه ـ ولذلك أردت استخدام الكلمة و دمجها مع كلمة بيكيني فخرجت كلمة بوركيني، لقد قصدت أن ادمج الثقافتين الشرقية والغربية في كلمة واحدة و شعار واحد.
هل البوركيني بالنسبة لك مجرد تجارة أم أنها قضية دينية أو توجه سياسي؟
لقد بدأت الفكرة كي أساعد أسرتي؛ بنات أختي و بناتي ومن بعدها مجتمعي المحلي هنا في سيدني، لم يخطر ببالي أبدا أن البوركيني سيصبح عالميا، أو أنه سيصبح قضية. وبالرغم من أنني لم أكن منشغلة بالسياسة إلا أنه وضعني الآن في موقف يجب أن أدافع فيه عن قناعاتي وهي أن كل امرأة حرة في اختيار ملابسها.
سبق لك القول بأن البوركيني ليس رمزاً للإسلام، إذا هو رمز لم؟
نعم البوركيني ليس رمزا للإسلام، ولم أقصد أن أفرق بين المسلمة وغير المسلمة بارتدائه، قصدت فقط أن أجعل بعض الفتيات والسيدات مرتاحات في ملابسهن أثناء ممارسة الرياضة.
من هم زبائنك الذين يقبلون على شراء البوركيني؟
حينما بدأنا منذ 12 عاما في إنتاج البوركيني حصلنا على انتباه عالمي إيجابي، وكان بيع البوركيني في العالم الغربي أكثر من العالم العربي. والآن و بعد ما حدث من منع البوركيني وحكم المحكمة ببطلان ذلك وما بينهما من جدل فقد ارتفعت مبيعاتنا خاصة في الدول الغربية بمعدلات كبيرة.
كيف ترين الهجوم على البوركيني؟ من تلومين في هذا الجدل حوله؟
البوركيني لم يكن يهاجم من قبل، ذلك شيء غريب الآن. أنا لا ألوم أحدا، بل أشكر سذاجة السياسيين الذين صنعوا من ذلك اللباس البسيط قضية عالمية وساعدونا في رفع مبيعاتنا حول العالم وأعطونا فرصة أكبر أن نشرح ما هو البوركيني.
ما هي أكثر الدول التي تستورد البوركيني؟ وهل كل مستخدميه من المسلمات؟
أكبر أسواقنا هي الولايات المتحدة وكندا وأوروبا ولدينا أيضا زبائن في الدول العربية منها قطر والبحرين، واستقبلنا طلبات تقريبا من كل أنحاء العالم عبر الانترنت. أما عن مستخدميه في السابق وقبل الجدل حوله أستطيع أن أقول أنه كان حوالي سبعين بالمائة من المسلمات وثلاثون بالمائة من غير المسلمات وكنا نقيس ذلك من الرسائل التي كانت تصلنا حول المنتج.
الآن وبعد قرار منعه في فرنسا والجدل حوله أستطيع أن أقول بارتياح إن حوالي ٤٥ بالمائة مسلمات و ٥٥ بالمائة غير مسلمات يقبلن على شرائه، ونحن نتخيل تلك النسبة من الرسائل التي تصلنا أثناء طلب المنتج عبر الإنترنت والتي صارت مؤخرا تتضمن الكثير من رسائل الدعم للفكرة.
أنت كامرأة تربت ربما بين ثقافتين؛ اللبنانية العربية والاسترالية الغربية المنفتحة. كيف ترين النساء اللاتي يرفضن البوركيني ويعتبرنه إهانة وتحقيرا للمرأة ؟
هناك مسلمات كثيرات لا يغطين شعرهن ولا يمكنك تمييزهم عن غيرهن، إنها مسألة اختيار، كل امرأة من حقها أن تختار طريقة حياتها وملابسها. فأنا تربيت في ثقافة غربية لم يجبرني أحد أن أكون ما أنا عليه، كنت أستطيع أن أختار أي شيء واخترت أن أكون هكذا. أيضا على الأخريات أن يحترمن اختيارات النساء الأخريات. يمكننا أن نختلف، لكن يجب علينا أن نتوقف عن الحكم على بعضنا وأن نناقش ما نشعر به ونحترم اختياراتنا.
ما هي إيحائك في التصميمات المختلفة للبوركيني وما هي أكثر التصميمات التي تفضلها النساء؟
إيحائي في التصميمات هو أنني أتخيل ما يمكن أن يكون مريحا بالنسبة للمرأة ، والآن لدينا تصميم واحد ولكن بألوان مختلفة وبأشكال تتناسب مع مختلف الأجسام.
أما عن النساء فكل منهن تستخدم البوركيني لأغراض مختلفة، بعضهن ترتديه للحماية من الشمس أثناء السباحة، وبعضهن رياضيات محترفات، وبعض الأمهات للعب أطفالهن للعب في الماء، لذا هذا التصميم مناسب لكثيرات ولكننا نتطلع الآن للمضي قدما في تصميمات جديدة تناسب القطاع الأعرض من مستخدمي البوركيني الآن وخاصة أن بعضهن من غير المسلمات.
هل سمعت عن الفيسكيني ـ هو لباس انتشر في بعض الدول الأسيوية تغطي فيه النساء حتى وجوههم ما عدا العينين للحفاظ على بياض البشرة ـ وكيف ترين الفرق بينه وبين البوركيني؟
نعم لقد رأيت الصور وسمعت عنه، بعض الآسيويين يهتمون جدا بإبقاء بشرتهم بيضاء وهذا ما يفسر إقبال بعض النساء على البوركيني من غير المسلمات، ربما للحفاظ على لون البشرة . أيضا لأنه جزء من حماية الجلد بل تشتري بعض النساء المصابات سابقا بسرطان الجلد البوركيني للحماية من عودة المرض. أنالا أعلم الكثير عن الفيسكيني لأقارنه، ما أستطيع قوله هو أن البوركيني يشبه زي راكبي الأمواج ولكن مع شكل أكثر أنثوية ومع خامات تحمي البشرة.
أنت الآن تروجين لبعض الحملات مثل ” فلاش موب بوركيني” التي تبنت الدفاع عن البوركيني باحتجاجات قصيرة مفاجأة أما سفارات فرنسا؟ فهل أصبحت تتخذين موقفا سياسيا؟
أنا لست سياسية ولكنني أجيب على الأسئلة حينما توجه لي ولقد وجه لي العالم الآن سؤالا عن البوركيني. والآن كان يجب علي أن أدافع عن أفكاري وهنا أقول، أنا لست خائفة من أي سياسي أو من أن أقول ما أشعر به.
هل حولك البوركيني من مصممة له إلى حاملة أسمه والمدافعة السياسية عنه؟
أنا أدافع عن حرية النساء في العالم كله، وكل امرأة هي مدافعة عما تؤمن به. أنا أرتدي بيكيني تحت البوركيني، هل تحكمين علي بسبب ذلك ؟ أنا أؤمن بالحريات، أنا لست ضد أحد و أعتقد أنه لا يجب على أحد أن يصدر أحكاما مسبقا على آخرين بسبب ملابسهم.