أزمة “سامير” وانعكاساتها على السوق والمواطن

أحدث خبر الإعلان عن توقيف تداول أسهم “سامير” من التداول في البورصة عقب قرارها توقيف عملية التكرير والإنتاج تساؤلات عريضة حول أسباب القرار وانعكاساته على سوق المحروقات بالمغرب.

ولم تنفع تطمينات الشركة في تبديد المخاوف، حيث أصدرت بلاغا تشير فيه إلى أن التوقف المؤقت لعملية التكرير يرجع، بالدرجة الأولى، إلى تأخر في عملية تموين المصفاة بالمواد الأولية من النفط الخام، وكذا الصعوبات المالية التي تعرفها “سامير”، ما جعلها توقف بعض وحدات التكرير وأكدت في بلاغها أنها ستواصل تسويق المخزون لديها من المنتوجات المكررة إلى حين عودة اشتغال وحدة التكرير في أفق منتصف الشهر الجاري.

لكن يؤكد محللون وخبراء في الميدان في تصريحات لموقع إحاطة أن مشكل “سامير” ذو طبيعة هيكلية مرتبطة بمديونية الشركة التي لم تعد قادرة على الإيفاء بالتزاماتها المالية تجاه الدائنين.

وأوضح مسؤول بشركة لتوزيع المحروقات أن مديونية الشركة تجاه الأبناك والممونين سيجعل من الصعب الرجوع إلى وتيرة الإنتاج الطبيعية في الأمد القصير، مشيرا إلى أن الشركة لم تؤد مستحقات الممونين الدوليين بالمواد الخام، على غرار إحدى الشركات النفطية الأمريكية التي تطالب “سامير” بمستحقات بقيمة 120 مليون دولار (حوالي مليار و 184 مليون درهم)، إضافة إلى ديون متراكمة لعدد من الممونين المحليين والدوليين، التي تصل قيمتها الإجمالية إلى حوالي 11 مليار درهم في المجموع. ودفعت هذه الوضعية مزودي الشركة بالمواد الأولية إلى قطع إمداداتهم إلى حين تسديد “سامير” ما بذمتها من مستحقاتهم المالية، ما يعني أن الشركة مطالبة بتدبر المبلغ في أقرب الآجال لتتمكن من الحصول على المواد الأولية الضرورية لعملية التكرير والإنتاج.

بالموازاة مع ذلك، فإن إدارة الجمارك والضرائب المباشرة تطالب “سامير” بأداء حوالي 7 ملايير درهم عبارة عن ديون الضريبة الداخلية على الاستهلاك والضريبة على القيمة المضافة استخلصتها الشركة من زبنائها ولم تحولها لخزينة الدولة، كما أن هناك حوالي 15 مليار درهم من القروض البنكية التي ما تزال في ذمة الشركة. وهكذا، فإن المديونية الإجمالية للشركة وصلت إلى ما يناهز 33 مليار درهم، وهو المبلغ الذي لا يمكن تدبره أو الوصول إلى حل بشأنه مع الدائنين سوى بالتوصل إلى خطة لإعادة الهيكلة، تمر عبر رفع رأسمال الشركة وإعادة جدولة الديون.

يشار إلى أن وضعية الشركة بدأت في التدهور بعد أن قررت السلطات تحرير عمليات استيراد وتسويق المنتوجات النفطية المكررة من الأسواق الدولية، ما أتاح الفرصة لشركات التوزيع التي كانت تتزود من “سامير” إلى اللجوء إلى السوق الدولية بشكل مباشر لجلب المنتوجات النفطية المكررة، وهكذا تقلصت حصة “سامير” في السوق من أزيد من 80 في المائة إلى نسبة تتراوح بين 15 و20 في المائة، الأمر الذي أثر بشكل ملحوظ وسلبي على رقم معاملات الشركة، التي سجلت خسارة، خلال السنة الماضية، بقيمة مليارين و 500 مليون درهم.

وحول انعكاسات توقف التكرير بـ”سامير” على تزويد السوق بالمحروقات، أكد مسؤول بشركة استيراد وتسويق هذه المواد أن الاستثمارات التي أنجزتها شركات التوزيع في توسيع بنيتها التحتية للتخزين مكنت من توفير مخزون إستراتيجي لتغطية ثلاثة أشهر من الاستهلاك الوطني، وهي مدة كافية لإعادة التزود من الأسواق الدولية دون أن يتأثر السوق، واستبعد أن تنعكس مشاكل “سامير” على أسعار المحروقات.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة