عرفت ساحة المسرح البلدي لتطوان ليلة السبت فاتح أكتوبر مهرجانا خطابيا في إطار الحملة الانتخابية لحزب العدالة و التنمية التي اتسمت باستنجاد محمد ادعمار وكيل لائحة الحزب، برئيس الحكومة الأمين العام للحزب قصد رتق و ترقيع ما يمكن ترقيعه و تداركه من تدني مستوى شعبية ادعمار التي لمسها خلال تحركاته الميدانية خلال الحملة، إذ أينما حل و ارتحل يصطدم برفض و صد فئات عريضة جدا من الناخبين لهذا المرشح الذي لم يكن في مستوى تطلعات الناخبين سواء خلال انتدابه الانتخابي البرلماني أو المحلي بصفته رئيسا لجماعة تطوان.
هذا ما لمسه التطوانيون من خلال الحشد الغريب عن المدينة الذي لوحظ في أوساط الحضور و السيارات ذات الترقيم الخاص بالعمالات المجاورة (العرائش ، طنحة، المضيق، شفشاون، وزان) التي نقلتهم إلى ساحة المهرجان الخطابي، لكي يعطى له طابع حاشد مغلوط. بل و بذلك لم يستطع بنكيران لم الحد الأدنى الذي كان ينتظر أن يستجيب لدعوة حضور المهرجان من التطوانيين.
كلمة محمد ادعمار كانت مرتبكة إلى حد أنه اضطر إلى توقيف إلقاءه لخطابه مرتين و سط صفير و استهجان الحضور الذين رفعوا في وجهه شعار ادعمار ارحل. مما اضطره إلى عدم استكمال إلقاء كلمته، و تدخل بنكيران لإنقاذ ماء وجهه. إلا أن بنكيران نال بدوره حصته من الاحتجاج والاستنكار من طرف الجمهور، الشيء الذي دفع بالمنظمين إلى التغطية على الصفير و الاستنكار بالأناشيد و الاغاني الحماسية التي لم تجد نفعا. توتر بنكيران و خروجه عن طوره، جعله يلقي باللوم على المنظمين من أطر حزبه قائلا لهم بنبرة مهينة :” هل جئتم بنا لنلقي خطابا أم لنرقص على إيقاع الاغاني، أوقفوا الموسيقى “.
الارتباك كان واضحا على بنكيران الذي ألقى كلمة مضطربة و بدون خيط ناظم، يخبط خبط عشواء، و يدافع بضعف و هوان، و يتوسل مساندة الناخبين و يستعطفهم في خطوة غير مسبوقة من الاستكانة و التودد.
حاول دغدغة عواطف الحضور بتصريحه أن أجرته لا تكفيه هو و زوجته و أبناءه، إذ قال بالحرف انه بالكاد تمكن من تجهيز مطبخ و صالون منزله وشراء سيارة لابنته، مجهشا بالبكاء، كمسكين معدم، مما جعل فئة عريضة من الجمهور تصيح برحيله و استنكار تمسكنه الذي لم يعد ينطلي على أي ناخب.
بنكيران قال أيضا أن البعض من رجال السلطة لا يطبقون تعليمات دولتهم حسب قوله. هل يريد بنكيران أن يهدد من يتحدث عنهم لكي يساندوه و يستعملهم حزبه كأداة لبلوغ طموحه الانتخابي؟ فكيف يعقل أن يقول رئيس حكومة هذا الكلام ، والدستور يمنحه صفة رئيس للادارة بشكل عام. لماذا لا يقوم بصد ما يدعيه و هو له من الإمكانيات الإدارية و القضائية المتاحة التي تمكنه من تحصين أي تدخل مفترض في التنافس الانتخابي. إن دل كلام بنكيران عن شيء فإنما يدل على يقينه بأنه سيخسر حتما الانتخابات التشريعية و لن يتمكن من الفوز بولاية ثانية كما أوحى لبعض كتائبه بأن تطالب بذلك خلال اللقاء : “الشعب يريد ولاية ثانية “.
هذا الشعار الذي تتحدث كتائب بنكيران فيه باسم الشعب ككل و الشعب قاطبة، يكشف النزعة التحكمية للحزب و الكليانية ، و هو ما قاله بالحرف حينما توجه إلى التطوانيين بنبرة المتسول الضعيف: يا أهل تطوان، ساعدوني على الفوز بولاية ثانية “إلا جات على خاطركم”، و ان لم تفعلوا دلك فسيكون مكاني المعارضة، في نبرة تهديدية بعرقلة عمل الحكومة المقبلة.
في سهو و تلقائية من بنكيران ، قام بتذكير الجمهور الحاضر بما تعرض له في تازة خلال الانتخابات السالفة، حيث كاد الجمهور أن يلقي به خارج ساحة المهرجان الخطابي هناك، و هي فلتة تعبر عن مدى ارتباكه خلال إلقاء كلمته، و خوفه من تصاعد الاحتجاج و الصراخ ضده. لم يتنفس بنكيران الصعداء إلا بعدما أكمل كلمته و توجه إلى سيارته و هو يجر خيبة الأمل، و ربما يدعو ربه في سره أن “جرته سلكات ” و أن دفاعه عن ادعمار كاد أن يكون له عاقبة وخيمة لولا تحضر التطوانيين و دماثة أخلاقهم بتعبيرهم عن سخطهم بالصفير و شعارات الرحيل .