قال إدريس لكريني، أستاذ القانون والعلاقات الدوليين بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن بناء تحالفات استراتيجية أكثر قوة وانسجاما يبقى الرهان الأكبر بعد الاعلان عن نتائج استحقاقات السابع من اكتوبر.
وقال لكريني في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن بناء تحالفات استراتيجية أكثر قوة وانسجاما تمليه عدة اعتبارات متصلة ببعض الاشكالات التي واجهتها التجربة الحكومية وتجربة المعارضة السابقتين في إشارة إلى الشرخ الذي أحدثه انسحاب حزب الاستقلال من التحالف الحكومي، وعدم انسجام المعارضة التي اتسم أداؤها بالضعف مقارنة مع الامكانيات التي يتيحها لها الفصل العاشر من الدستور، إلى جانب الاشكالات التي ظلت مطروحة في علاقتها بتنزيل مقتضيات دستور 2011 وبعض الاشكالات الاجتماعية والاقتصادية الكبرى.
ومن هذا المنطلق، يضيف الأستاذ لكريني، ينبغي على الحكومة والمعارضة على حد سواء تجاوز تلك التحالفات التي تبنى على الظرفية إلى تحالفات استراتيجية تستحضر الأرضية والمنطلقات والتطلعات المشتركة، وترتكز على إرادة قواعد الأحزاب لتعطيها قدرا من الثبات مما سينعكس ايجابا على المشهد السياسي المغربي وكذا على أداء الحكومة من جهة والمعارضة من جهة أخرى.
وارتباطا بالنتائج التي أفرزتها صناديق الاقتراع برسم استحقاقات السابع من أكتوبر، اعتبر المتحدث أن حزبا العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة كانا أكبر المستفيدين من هذه الانتخابات حيث تمكن الأول، الذي كان أداؤه على المستوى التنظيمي متميزا، من تعزيز وتطوير تموقعه بمجلس النواب كما أن شعبيته لم تتأثر بفعل الأداء الحكومي، فيما ضاعف الثاني من عدد المقاعد المحصل عليها مقارنة مع التجربة السابقة.
ويمكن تفسير تطور حصيلة حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية ، يقول الأستاذ لكريني ، بكون الحزب حرص الى آخر نفس على الدفاع عن حصيلته في الحكومة عبر مختلف الوسائل التقليدية والمستحدثة، مما سمح بإقناع عدد من الناخبين بدعم حضوره داخل مجلس النواب.
وفي مقابل ذلك، لاحظ الأستاذ لكريني، أن حزب الاستقلال كان من بين الهيئات السياسية التي تبين تراجعها في هذا الاستحقاق الانتخابي إلى جانب حزب التقدم والاشتراكية والذي على عكس حزب العدالة والتنمية، أثر محك العمل الحكومي بالسلب على حضوره داخل مجلس النواب حيث تراجع تواجده بالمجلس مقارنة مع التجربة السابقة.
من جهة أخرى، سجل مدير مختبر الدراسات الدولية حول إدارة الأزمات، أن النتائج التي حققتها فيدرالية اليسار الديمقراطي لم تكن في مستوى التطلعات والانتظارات خصوصا إذا ما تم استحضار النقاشات التي أثارتها هذه المشاركة في أوساط فئة واسعة من المثقفين وبعض الناخبين الذين لم تتح لهم إمكانية المشاركة في السابق.
واعتبر، في هذا السياق، أنه على الرغم من التواجد الرمزي للفيدرالية بمجلس النواب فإن “حضورها من شأنه أن يضفي دينامية على مكونات اليسار الذي يعيش في الآونة الأخيرة على ايقاع التشظي إذا ما تم استحضار الاختيارات المختلفة لمكوناته بين المعارضة والانضمام للحكومة وبقاء بعض القوى خارج نطاق المشاركة في الانتخابات”.
وخلص إلى أن هذا التغيير على مستوى المواقع سيكون في مصلحة المشهد السياسي الوطني والجهوي، كما أن تجدد النخب داخل البرلمان من شأنه أن يدفع الأحزاب الأخرى الى بذل المزيد من الجهد حتى تحقق نتائج جيدة في المحطات المقبلة المحلية أو الوطنية.
وحصل حزب العدالة والتنمية على 98 مقعدا في الدوائر المحلية و27 مقعدا في الدائرة الانتخابية الوطنية، فيما حصل حزب الأصالة والمعاصرة على 81 مقعدا برسم الدوائر المحلية و21 مقعدا برسم الدائرة الوطنية، وذلك على إثر انتهاء عملية فرز وإحصاء الأصوات بالنسبة لكل الدوائر الانتخابية المحلية والدائرة الانتخابية الوطنية برسم الاقتراع التشريعي لانتخاب أعضاء مجلس النواب، واستنادا إلى النتائج المعلن عنها من طرف مجموع مكاتب التصويت.