كلما حل العاشر من محرم من كل سنة إلا وتعود الفتاوى التي تحدد مايجوز وما لا يجوز في هذا اليوم، تاريخيا وفي السنة الأولى للهجرة وجد الرسول يهود المدينة صائمون فاستفسر عن السبب وأخبروه أنهم يصومون إحتفالا بنجاة نبي الله موسى، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم كما جاء في حديث ابن عباس”نحن أولى بموسى منكم وأمر بصيامه”.
ورغم إيمان الأغلبية بهذا الحديث إلا أنهم يكفرون من يشارك المسيحيين احتفالتهم ، ويحرمون حتى تهنئتهم. أليس عيسى نبي الله ؟ ألسنا أولى به أيضا؟ فكيف نحتفل بنجاة موسى ونكفر من احتفل بولادة عيسى؟ ألا يمكن اعتبار مشاركة باقي الديانات مناسباتهم الدينية تعايشا ودليلا على قوة دين لاتزعزع عقيدة متتبعيه الإحتفالات أو تهنئة المختلفين عنهم ؟
لو استفيت شيخا عن زواج المسلم من كتابية سيفتي بأنه حلال مصداقا لقوله تعالى {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [المائدة: 5]. الله أحل الزواج من كتابية، ومن يتحدث عن الزواج يتحدث عن حياة مشتركة، عن مشاعر ومودة، وعن أطفال يتربون بين والدين مختلفي الديانات، قد تجهز هذه الزوجة إفطار زوجها في رمضان وتشاركه فرحة العيد، لكن إذا ما هنأها بعيدها أو شاركها الإحتفال يعتبر مذنبا وكافر عند البعض، فأي منطق يعتمده هؤلاء؟
العاشر من محرم لا يقتصر عند المسلمين على نجاة موسى من فرعون، ففي نفس اليوم من سنة 61 للهجرة قتل الحسين عليه السلام وأهله في كربلاء، الحسين حفيد الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان في الحج وتركه قبل أن يتمه وخرج لرفع الظلم الذي أصاب الناس من حكم بني أمية، فالحسين ترك الطواف حول الكعبة وذهب ليطوف برب الكعبة كما قال عنه علي الشريعتي، ولم يخرج لنصرة الدين بالدرجة الأولى بل كما قال عنه عبد الرزاق الجبران” لم يقل الحسين هيهات منا الكفر، قال هيهات منا الذل لأن النبي علمه ان الذل هو الكفر” لكن كل هذا لم يشفع للحسين، فيكفي أن تذكر مواقفه وشجاعته أو بعض أقواله حتى تتهم أنك شيعي ورافضي…ألسنا أولى بالحسين أيضا؟ ولماذا نحصره في طائفة محددة؟ هل لنشارك أفكار شخصية تاريخية ونستفيد من تجاربها نحتاج للسؤال عن دينها ومذهبها؟
