على بعد أيام على انطلاق فعاليات الدورة ال22 لمؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ “كوب22″، التي ستحتضنها مدينة مراكش ما بين 7 و18 نونبر المقبل، دخلت الاستعدادات والتحضيرات لهذه التظاهرة العالمية الكبرى سرعتها القصوى، بحيث يتم وضع اللمسات الأخيرة لجعل المدينة الحمراء في مستوى هذا الحدث العالمي .
فكل التحضيرات المتعلقة بهذه القمة التي تنظم للمرة الثانية بالمغرب بعد قمة “كوب 7 “، أشرفت على الانتهاء ،واتخذت كافة الإجراءات والتدابير اللازمة لضمان حسن سير أشغال هذا المؤتمر، فضلا عن توفير كافة شروط وسبل انجاحه سواء من حيث الجانب التنظيمي أو الأمني أو ما يتعلق بإيواء واستقبال وتنقل المشاركين الذين سيحجون إلى المملكة من مختلف بقاع العالم وبأعداد كبيرة.
ويؤكد المشرفون والمسؤولون عن التحضير لهذه القمة، على أن مدينة مراكش وبحكم احتضانها لتظاهرات عالمية كبرى وتوفقها في توفير كافة الظروف المواتية لإنجاح هذه التظاهرات، ستكون في الموعد وستقدم الدليل على أنها مدينة ترتقى إلى مصاف المدن العالمية الصديقة للبيئة.
ومن منطلق الوعي بالأهمية التي يكتسيها هذا الحدث الدولي بالنسبة للمملكة وتعزيز إشعاعها كأرض للحوار والتلاقي وتمهيد الطريق وتدليل العقبات في سبيل التوصل إلى توافق بين أطراف دولية حول قضايا عدة، فإن كافة الفعاليات من سلطات ومنتخبين محليين ومجتمع مدني سواء بمدينة مراكش أو الأقاليم المجاورة أبانت عن تعبئة وانخراط فعلي وحازم لضمان النجاح الكامل لهذه القمة العالمية، التي تعد بمثابة فرصة حقيقية لإبراز مختلف الإصلاحات التي تباشرها المملكة في المجال المتعلق بالبيئة.
وعلى مستوى تهييئ القرية التي ستحتضن أشغال هذه القمة والمتواجدة بموقع “باب إيغلي” والممتدة على مساحة 223 ألف و647 متر مربع، فان الأشغال أشرفت على الانتهاء ، ومن المقرر أن يتم تسليم هذه القرية للأمم المتحدة في بداية نونبر المقبل، بحسب ما أفاد به المسؤولون عن تدبير الشأن المحلي.
وتتضمن هذه القرية مختلف فضاءات استقبال الوفود ضمنها المنطقة الزرقاء، وهي تحت السلطة المباشرة لهيئة الأمم المتحدة، ومخصصة للشخصيات المعتمدة من طرف السكرتارية العامة للاتفاقية الإطار لهيئة الأمم المتحدة للمناخ، وتضم فضاءان مفتوحان، و30 قاعة للندوات والاجتماعات للمفاوضين و10 قاعات مخصصة للملاحظين.
كما توجد بالقرية فضاءات أخرى مخصصة للنقاشات والعروض والاستقبال والأمن والمربع الخاص بكبار الضيوف ومكاتب هيئة الأمم المتحدة ووسائل الإعلام والخدمات والمطاعم، فضلا عن فضاء آخر مخصص للجمعيات غير الحكومية، إضافة إلى ألفي متر مربع أخرى للمواصلات الخارجية.
ويشتمل هذا الموقع، الذي يتوفر على شبكة من خطوط الاتصالات والخدمات البنكية والبريدية والسياحية، إضافة إلى مركز مفتوح بقلب القرية خاص بالاتصال مجهز بالهاتف والفاكس وشبكة الأنترنيت، على فضاء “الابتكار” (12 ألف متر مربع)، ومدخل خاص برؤساء الدول، ومدخل الوفود ومرآب السيارات (22 ألف متر مربع).
وفضلا عن تهييئ موقع “باب إيغلي” وارتباطا بالإعداد لهذه القمة وتوفير كافة سبل نجاحها، اكتست المدينة الحمراء حلة جديدة زادتها رونقا وجمالا، بعدما تحولت خلال الأشهر الماضية إلى ورش كبير مفتوح شمل مجموعة من الأشغال همت إعادة تهيئة عدد من الطرق والشوارع الرئيسية وتبليط وصباغة الأرصفة، وتهيئة معظم المساحات الخضراء المتواجدة بالمدينة وتجهيز بعضها بالإنارة بواسطة الطاقة الشمسية.
كما همت هذه الأشغال تجديد الإنارة العمومية، بحيث عمد الساهرون على تدبير الشأن المحلي إلى تغيير أعمدة الكهرباء المثبتة على امتداد الشوارع الرئيسية والكبرى بالمدينة بأخرى حديثة تراعي الجانب البيئي من خلال مساهمتها في التقليص من فاتورة استهلاك الكهرباء.
وتنضاف إلى هذه المشاريع التي انخرطت فيها المدينة الحمراء استعدادا لاحتضان هذا الحدث العالمي، والتي أضحت جاهزة، مجموعة من الأوراش الصديقة للبيئة المفتوحة تزامنا مع احتضان “كوب22″، ومن بينها، اعتماد حافلات للنقل الحضري صديقة للبيئة تعمل بالطاقة الشمسية، وإحداث محطة لمعالجة النفايات وأحياء إيكولوجية وإحداث مشتل لإنتاج الطاقة الشمسية وتطبيق النجاعة الطاقية ببعض البنايات العمومية.
ومن بين المشاريع البيئية الأخرى، المنجزة لمواكبة هذه القمة العالمية، هناك إحداث محطة كهربائية تشغل بالغاز الحيوي المستخرج من المطرح القديم للنفايات، وإحداث مطرح جديد للنفايات يضم معملا لتثمين وفرز النفايات.
وعلى المستوى الأمني، تشهد المدينة تعزيزات أمنية مكثفة في إطار مواكبة المديرية العامة للأمن الوطني لهذه القمة العالمية ، حرصا منها على توفير الظروف الأمنية المناسبة لانجاحها، فضلا عن إحداث غرفة للقيادة والتنسيق والوحدة المتنقلة لشرطة النجدة بولاية أمن مراكش.
ومن بين الأمور التي لم يتم إغفالها، أيضا، المرافق الصحية، حيث سيتم إحداث أزيد من 200 وحدة من المراحيض العمومية مقسمة على 100 نقطة ومكان بالمدينة، وستختلف طريقة ربطها بالماء ومجاري المياه كل حسب موقعها ومكان تواجدها، مع تكليف فريق مختص من المراقبين والتقنيين للمداومة على تنظيفها ومراقبتها والحفاظ على جودة خدماتها.
وانطلاقا من حرصها الشديد على انجاح هذه التظاهرة الكونية، لم تترك الجهات المعنية بالتحضير مجالا للصدفة بحيث ألمت بكافة الجوانب التنظيمية المتعلقة بهذه القمة من أجل توفير ظروف ملائمة تتيح لضيوف المملكة إقامة مريحة تسمح لعدد كبير منهم ممن لم يسبق له زيارة المغرب، اكتشاف غنى وتنوع وعراقة هذا البلد.