بعد مقتل محسن فكري خرج المئات من المغاربة لشوارع المملكة مطالبين بشكل سلمي وحضاري بمحاسبة المسؤولين عن قتل بائع السمك رافعين شعارات تندد بما حدث، لم يدع للوقفات حزب ولم تنظمها جمعية، كل من خرج ينتمي لحزب المغرب، حزب الوطن، الوطن الذي يحبونه ويرغبون في أن يبادلهم الحب …لم نر شابا يحمل لافتة لا يعرف ما كتب عليها، ولم نشاهد شخصا لا يعرف لماذا خرج في هذه الوقفات، لم تجهز الحافلات لنقلهم، ولم يخرجوا بطلب ممن قدم لهم خروف أو وعدهم بمبلغ مالي. خرجوا للوطن ولأجل الوطن. خرجوا لممارسة حق من حقوقهم تضمنها الفصل 29 من الدستور “حريات الاجتماع والتجمهر والتظاهر السلمي، وتأسيس الجمعيات، والانتماء النقابي والسياسي مضمونة. ويحدد القانون شروط ممارسة هذه الحريات. حق الإضراب مضمون. ويحدد قانون تنظيمي شروط وكيفيات ممارسته.”
فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتهم هؤلاء بأنهم يوقظون الفتنة، لا يمكن أن يتهموا بأنهم يريدون تحويل البلاد إلى سوريا أو ليبيا أخرى، لايمكن اعتبار أن الحادث بسيط ويشبه أي جريمة قتل أخرى. الذين خرجوا بشكل عفوي تضامنوا بطريقة مشروعة مع شاب قتل بطريقة بشعة، تضامنوا حتى لا يتكرر الأمر، حتى لا يجدوا أنفسهم مكان محسن ، حتى يعيش الجميع بكرامة، فالذين يعتبرون الأمر مؤامرة خارجية هم كما قال مروان مخول في اله الثورة “لو نتفق ونهتف انو الغرب بزرع بينا الفتنة تعو نحاول نزرعها بينهم وبنكتشف انو بس عقولنا الخصبة” أما من يردد حديث “الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها” ألا يعلمون بأن الرسول الذي قال هذا الحديث هو نفس الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال “من رأى منكم منكرا فليغيره” أم أن هذا الحديث يتم استعماله فقط عندما يتعلق الأمر بمصادرة الحريات الفردية والتدخل في خصوصيات الأخرين؟ وحين يتعلق الأمر بكرامة مواطن والمطالبة بتحقيق العدالة يصبح الأمر فتنة وملعون من أيقظها؟
من حق كل فرد أن يخرج ويتظاهر بشكل سلمي، كما من حق كل فرد أن يمتنع عن ذلك، لكن يجب أن نؤمن بأن الوطن يتسع للجميع ولا يمكن أن نشكك في نوايا الناس ولا أن نعتبر الاخر المختلف عنا أقل وطنية منا، فالوطن يحتاجنا جميعا، الوطن هو أن نحترم بعضنا ونتعايش رغم اختلافنا، الوطن أن لا تضيع حقوق المواطنين بسبب أحكام مسبقة من الاخرين.الوطن هو أن نحمل هم الوطن، فمن لا يحمل هم الوطن هو هم على الوطن.