ما إن تم الإعلان عن فوز دونالد ترامب بالإنتخابات الرئاسية حتى بدأ العديدون يعبرون عن مخاوفهم، فترامب سبق وأن عبر عن عدم حبه للمسلمين كما كان قد دعا في بيان له إلى منع الهجرة الإسلامية وإلى وقف دخول المسلمين إلى الولايات المتحدة مبررا ذلك بواقعة هجوم سان برناردينو بولاية كاليفورنيا وبنتائج استطلاعات رأي تربط الإسلام بالإرهاب والتطرف، كما سبق له أن خرج بتصريحات عنصرية وأخرى تسيء للمهاجرين ودعا إلى ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، ومن يشتغلون بطريقة غير قانونية، وغيرها من التصريحات التي أثارت الجدل خلال الحملة الانتخابية.
طبعا لا يمكن لأي شخص يؤمن بالإختلاف ولا يصنف الناس حسب انتمائاتهم العرقية والدينية إلا أن يكون ضد كل هذا، لكن حين يتعلق الأمر بشعوب فرح جزء منها بأحداث 11سبتمبر واعتبرها فتحا ونصرا عظيمين، ولا زال يفرح بعد كل انفجار أو عمل إرهابي في بلد غير مسلم ، أو حتى عندما يندد يقوم بذلك بطريقة تحمل بين طياتها تبريرا لما حدث، لا يجب أن يستنكروا تصريحات ترامب، فهي تشبه مواقفهم ومنطقهم في التفكير لكن بلغة مغايرة.
فنحن الذين نطالب بمساجد ودور عبادات في دول الغرب ونطالب بمنع الكنائس والمعابد في بلداننا ونستنكر تصريح ترامب بمطالبته مراقبة المساجد… نحن الذين نعتبر المهاجرين الأفارقة والسوريين “عمرو لبلاد” ولا نتقبلهم ونتمنى رحيلهم، ولا نتعايش معهم، ولا نساعدهم على الاندماج في مجتمعنا، لكن في نفس الوقت نعتبر تصريحات ترامب المتعلقة بالمهاجرين جريمة يجب أن يحاسب عليها.
نحن ممن لم يصوتوا في بلدانهم ونلوم الشعب الأمريكي على اختياره، نصفنا يعتبر التصويت لحزب إسلامي صك من صكوك الغفران، والتصويت لحزب يساري كفر وزندقة والنصف الاخر يعتبر من صوت لحزب إسلامي متخلف ورجعي ونعتبر الأمريكيين “أغبياء” بسبب تصويتهم على ترامب، الأمريكيون الذين وقفوا بالساعات من أجل الادلاء بأصواتهم في الوقت الذي اختار فيه الكثير منا “التصويت الفيسبوكي” خلال الانتخابات التشريعية الأخيرة.
نحن الذين نسمع دائما “لن يفلح قوم ولوا أمرهم امراة” لكن نحب ماتقدمه ميركل للاجئين السوريين، و كنا نريد أن تفوز هيلاري كلينتون لأنها الأنسب لنا.
نحن الذين لا نحب المختلفين عنا ولا نستطيع حتى التعايش معهم، لكن نحب أن نفرض على الاخرين أن يتقبلوا المختلفين عنهم ويتعايشوا معهم.
إذا كان الإمام الشافعي قد قال:”أحب الصالحين ولست منهم لعلي أنال بهم شفاعة” فنحن أيضا نحب الصالحين ولسنا منهم، لعلنا نتعلم منهم بعض قيم التعايش وتقبل الاختلاف.