قال المخرج الفرنسي برونو ديمون، عضو لجنة تحكيم الدورة السادسة عشرة للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش (2-10 دجنبر)، إن الثقافة مقصرة في وظيفتها الشافية (كاتارسيس)، لذا يصبح الأناس الأقل ثقافة أكثر خطرا لأنهم يتجهون إلى الشارع ويميلون إلى التطرف.
وأضاف ديمون، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن الرعب ومشاهد القسوة واللاأخلاقية في السينما تسهم في منع انتقال العنف إلى الشارع، من خلال الإسهام في تحرير الإنسان من هذا العنف، وتطهير الذات، معتبرا أن “هذه مفارقة لا يفهمها رجال السياسة”.
وقال برونو ديمون “إننا نحتاج إلى الثقافة لنكون إنسانيين”، معتبرا أن “بداخل كل إنسان قدرة ميثولوجية على الوحشية” (كانيبالية). من جهة أخرى، شدد المخرج الفرنسي على مسألة المحلية في الإخراج السينمائي والعمل الثقافي عامة، إذ “كلما انغمس المبدعون أكثر في المحلية اقتربوا أكثر من العالمية” حسب تعبيره. وفي هذا الصدد، رأى ديمون أن السينمائيين المغاربة هم الأقدر على إنجاز أفلام عن المغرب، بوصفهم الأكثر التصاقا بواقعهم ومعرفة له وقدرة على الانفتاح على الآخر الذي يعايشونه والتسرب إلى حميميته، بعكس السينمائيين الأجانب الذين تتحكم فيهم الرؤية السياحية والفولكلورية.
واستدرك برونو ديمون قائلا إنه لا شيء يمنع من تصويره أحد أفلامه في المغرب مستقبلا، مذكرا بأنه سبق له أن صور في الجنوب التونسي لقطات من فيلمه “فلاندرز” (2006) الذي حاز الجائزة الكبرى بمهرجان “كان”.
وعن فيلمه الشهير “كامي كلوديل 1915″، الذي رأى النور سنة 2013، قال ديمون إنه يجد في التراجيديات الكوميدية “حيوية جديدة وتوازنا طبيعيا للإنسان” بين الكوميديا والتراجيديا، منوها بالدور الرائع الذي قدمته الممثلة جولييت بينوش.
وأوضح أن اختياره جولييت بينوش لبطولة فيلمه “كاميل كلوديل 1915″، جاء لما التقاها أول مرة، بسبب جاذبيتها الاستثنائية وقدرتها على الذهاب إلى أقصى حدود السخرية والحرارة العاطفية، ورغبته في اختيار ممثلة محترفة لفيلمه.
وعن سؤال حول اختياره سنة 1915 وليس 1913 سنة إيداع كاميل كلوديل مستشفى الأمراض العصبية والعقلية ولم يعد يزورها سوى شقيقها الأديب والدبلوماسي بول كلوديل، أجاب ديمون بأنه لم ير ضرورة لتصوير كل مأساة النحاتة الراحلة بل لتسليط الضوء على مرحلة من معاناتها قد تكون الأصعب في حياتها. يذكر بأنه سيتم، مساء اليوم الأربعاء بقصر المؤتمرات، عرض فيلم “كامي كلوديل 1915” الذي يروي السنوات الأخيرة من حياة الفنانة الراحلة التي شغفت بالطين والحجر والإزميل، وعلاقتها بالرسام أوغست رودان.
من فيلموغرافيا برونو ديمون، الذي يحضر فيلما جديدا بعنوان “جانيت”، الفيلمان القصيران “باريس” 1993 و”ماري وفريدي”، الذي حاز تنويها خاصا في مسابقة الكاميرا الذهبية بمهرجان كان 1997 وجائزة جون فيغو 1997 أيضا، و”الإنسانية” 1999 الذي فاز بالجائزة الكبرى بمهرجان “كان”.