أسماء بن العربي تكتب : الدارجة بلا زواق ترعبنا

صدر منذ أيام قاموس للدارجة المغربية دون أن يمر الحدث مرور الكرام، خصوصا بعد أن تم تداول صورة يفترض أنها من القاموس تضم كلمات اعتبرها البعض نابية ولاأخلاقية رغم أن تلك الكلمات توجد في كل قواميس ومعاجم اللغات الاخرى مما جعل البعض يعتبرها كلمات عادية تستعمل من طرفهم أو قد نسمعها في حياتنا اليومية…أغلب من انتقد القاموس أعتبر أنه تقليل من قيمة اللغة العربية وضرب في “قدسيتها “باعتبارها لغة القران ولغة أهل الجنة. قد لا نختلف عن جمالية اللغة العربية ولكن لا يمكن اعتبارها لغة مقدسة لأن القران أنزل عربيا ببساطة لأن النبي عربي ويخاطب العرب، مثل مانزلت الكتب السماوية الأخرى بلغة الأقوام الذين تخاطبهم.

صحيح أن اللغة العربية تعتبر لغة التعليم والإعلام رغم أن الدارجة غزت جزءا كبيرا من الإعلام في السنوات الأخيرة ، وبعض الأساتذة يستخدمونها لشرح الدروس…لكن هذا لا يمنع من الاعتراف بمكانة الدارجة المميزة في حياتنا اليومية، فبها يتواصل جل المغاربة وهي جزء من هويتنا، ولا شيء يدل على أن القاموس ضد اللغة العربية بالقدر الذي سيساعد على  تدوين والحفاظ على لهجتنا الأم، فاللهجة تتطور وبعض الكلمات ستختفي وتظهر مكانها أخرى، فلهجة الوالدين تختلف عن لهجتنا وستختلف لهجتنا عن لهجة ابنائنا ،فتوثيق اللهجة سواء بقواميس أو كتب هو شيء إبجابي وحفظ لجزء من ذاكرتنا، وهي أيضا فرصة لنتصالح مع ذواتنا ونتقبل الدارجة كما هي، فنحن الذين يرعبنا الواقع حين يصور في فيلم سينمائي، وننكره حين يتحدث عنه الأجنبي، فحتى لهجتنا نعجز عن تقبل وجودها على صفحات كتاب، ببساطة لأنه لازال بيننا من  يعتبر نفسه من علية القوم حين يتحدث بالفرنسية، أو أكثر تدينا حين يعوض كلمة بابا بأبي و “الله يرحم لوالدين” ب جزاك الله خيرا وغيرها…

قد نتفهم أن يحدث هذا الجدل لو أدخل هذا القاموس في مناهج التعليم، وفرض تدريسه، بل سيكون من الصحي أن نتبادل الاراء ونتناقش  في ما يخص تعليم أبنائنا، لكن أن ينتقد القاموس فقط لأنه باللهجة المغربية  واعتبارها لا ترقى ليألف قاموس يجمع جزءا من كلماتها، هو احتقار للهجة تعبر عن اختلافنا وتعايشنا لهجة تجمع كلمات ذات أصول متنوعة ومختلفة كسكان هدا البلد، و هو تبرؤ من جزء من ثقافتنا.

الكثيرون لا يجدون حرجا من تبجيل لهجات الشرق وقد يستعير منها بعض الكلمات والعبارات ويتابع بشغف كل ما ينتجه إعلامهم.. لكن حين يتعلق الأمر بالدارجة يعتبر الامر كارثة وضرب في قيم المجتمع، رغم أنها اللهجة باش كيهضر مع مو وباه وصاحبو ولكن الى كانت شي حاجة اللي غتقدر تخدمها ولا ماعندها حتى تأثير عليها أصلا كينوض ضدها…الدارجة زوينة بغيوها بلا زواق .

Total
0
Shares
1 comments
  1. اختي اسماء
    السؤال المطروح هو من اجل من هذا الاصدار , لابنائنا ليحافضوا على دارجة ابائهم,ام للاجانب ليتعلموا دارجة العلوم الفضائية؟ انه اصدار لمصادرة الهوية مصدره ابناء ماما فرنسا لتنزيل المشروع الممول والمملى من اعداء لا يبرحون صهوة جوادهم لطمس تاريخنا,لغتنا,ديننا ,هويتنا ودارجتنا.

Comments are closed.

المنشورات ذات الصلة