ما يحصل في العالم، اليوم من صراع عسكري وأمني وسياسي وديبلوماسي، بارتباط مع الأزمة السورية، يدعو إلى فتح نقاش حقيقي وجدي، بين المغاربة من كل التوجهات، يتمحور حول سؤال كبير، هو، أي مجتمع نريد؟
مثار هذا السؤال، هو ردود الفعل المتواصلة، من طرف بعض التوجهات الإيديولوجية، التي تنتمي لما يسمى “الإسلام السياسي”، حول مختلف العمليات الإرهابية، التي تتم في المنطقة، آخرها كان هو اغتيال السفير الروسي، في أنقرة، آندري كارلوف، من طرف رجل الأمن التركي، ميرت ألتين تاش.
لقد اعتبرت عدد من الكتابات والتعليقات في شبكات التواصل الإجتماعي، ذلك، فتحا مبينا وانتقاما إلهيا مما تقوم به روسيا في حلب… بل هناك من بالغ في حماسه للإرهاب متمنيا أن تطال عملية الإغتيال رؤساء دول.
ومن المعروف أن أصحاب هذه التعليقات هم من الداعمين للجماعات المسلحة في سوريا، والتي تنتمي إلى تيارات متشددة، لا تعترف بالنموذج الديمقراطي وبحقوق الإنسان، بل تريد إقامة نظام تعتبره “إسلاميا”، وهناك منها من يسعى إلى إقامة نظام الخلافة. الدول المساندة لهذه الجماعات والتي تمولها وتمدها بالسلاح، هي أيضا لا علاقة لها بالنموذج الديمقراطي، وأمريكا راعية هذا المشروع، بِرُمّته، لا تهمها سوى مصالحها، في إطار حربها الجيوستراتيجية ضد روسيا والصين، وأمن الكيان الصهيوني.
إذن ماذا يريد المغاربة، أنصار الجماعات المسلحة في سوريا، الذين يمجدون العمليات الإرهابية؟ إذا كان يهمهم مصلحة الشعب السوري، ضد نظام بشار الأسد، الذي هو أيضا غير ديمقراطي، فهل خلاص هذا الشعب سيتم على يد هذه الجماعات؟
لكن الخلفية الرئيسية التي تمكن حول هذا السؤال، هو أي مشروع مجتمعي يريد هؤلاء للمغاربة، وهم يدافعون باستماتة عن جماعات ترتكب أعمال وحشية، وتستمد فكرها من تأويلات ونماذج مغرقة في الظلامية؟
إذا كان الأمر يتعلق بالدفاع عن الديمقراطية، فالأنظمة الخليجية وتركيا، الداعمين للجماعات المسلحة في سوريا، هي أيضا تحتاج إلى ثورة شعبية لتغيير أنظمتها، حسب منطق المتحمسين، للمعارضة السورية، هذا هو المنطق السليم.
غير أنه يبدو أن دوافع هؤلاء لا تٓمُتّ بصلة إلى الإقتناع بالديمقراطية، بل إنهم يكشفون عن توجهاتهم الحقيقية، التي يخفونها تحت شعارات حقوق الإنسان، لأنهم مقتنعون بنظام الخلافة، كما يتخيلونها، وكما تصوره المراجع التراثية، التي تمتلأُٰ بالخرافات.
مأخوذ، باتفاق مع كاتب المقال، عن الإتحاد الإشتراكي.