دعا الملك محمد السادس، رئيس الحكومة المعين عبد الإله ابن كيران، إلى وضع حد للانتظارية السائدة في البلاد جراء تعثر المشاورات الحكومية، وعدم تمديد فترة الفراغ الحكومي القائم، من خلال الإسراع بتشكيل الحكومة المرتقبة، حسب ما جاء في “آخر ساعة” في عددها الصادر الاثنين.
وأكد مستشارا الملك عبد اللطيف المنوني وعمر القباج، خلال لقائهما بابن كيران بتعليمات من الملك محمد السادس، أمس السبت، حرص الملك على أن يتم تشكيل الحكومة في “أقرب الآجال”. وأبلغ مستشارا الملك، خلال هذا اللقاء، الذي جرى بمقر رئاسة الحكومة، ابن نكيران، بانتظارات الملك وكافة المغاربة بشأن تشكيل الحكومة الجديدة.
وجاء تدخل الملك لتنبيه ابن كيران إلى التبعات السلبية للتأخير في الإفراج عن الحكومة الجديدة، بعد فشل رئيس الحكومة المكلف في حلحلة ملف المشاورات ودخول الأزمة الحكومية شهرها الثالث، وهو ما نتج عنه تعطيل المؤسسات، في مقدمتها مؤسسة الحكومة والبرلمان. كما يأتي لقاء مستشاري الملك بابن كيران، في وقت تنامى فيه غضب الفاعلين السياسيين من انتظارية ابن كيران جراء المنهجية العقيمة التي اتبعها في المشاورات والتي لم تُثمر أية نتيجة، بل أدخلت البلاد في فراغ حكومي وبرلماني، عوض اعتماد بدائل وحلول ناجعة وكفيلة بحل عقدة الحكومة. وأصبح ابن كيران مطالبا بالتحرك بعد لقائه بمستشاري الملك، ويُرتقب، في هذا الصدد، أن يباشر لقاء حاسما بداية الأسبوع الجاري مع رئيس التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش، بهدف الوصول إلى توافق وتسوية نقط الخلاف بينهما، خاصة في ما يتصل بإشراك الاستقلال في الحكومة الجديدة.
وفي هذا الإطار، قال المحلل والفاعل السياسي والخبير في القانون الدستوري محمد ضريف، إن لقاء مستشاري الملك بعبد الإله ابن كيران، جاء لتصحيح وجهة نظر كانت تعتبر أن رئيس الحكومة المكلف غير ملزم بأي أجل لتشكيل حكومته، على اعتبار أن الدستور لا يحدد أي سقف زمني، وأنه ينبغي أن يأخذ وقته كاملا لإجراء المشاورات، متعللة بأن بعض الدول مثل إسبانيا عرفت أزمة مشاورات حكومية استغرقت عشرة شهور، غير أن السياق يختلف، ولا ينبغي عقد مقارنات في هذا المجال، على اعتبار أن تشكيل الحكومات في البلدان العريقة تتم عادة في آجال معقولة، كما أن دساتير بعض الدول تحدد آجال تشكيل الحكومة، مُبرزا أن لقاء مستشاري الملك يفيد أنه لا وجود لآجال غير محددة المدة وأن ثمة أعرافا تقتضي تشكيل الحكومة في آجال معقولة تفاديا لحدوث أزمة سياسية.
وأضاف ضريف، في تصريح لـ “آخر ساعة”، أن الرسالة الثانية التي يمكن أن يقرأها المتتبع من خلال لقاء مستشاري الملك برئيس الحكومة المعين، هي التزام الملك بالحياد وعدم تدخله في مسألة المشاورات، وهو ما يفرض على ابن كيران أن يفك عقدة تشكيل الحكومة بنفسه، أو يعلن رسميا عن فشله، ليترك للملك فرصة اختيار ما يراه مناسبا في هذه الحالة، باعتبار دور الحكم والساهر على سير المؤسسات، المكفولين له دستوريا.
ونبه ضريف إلى أن مواقف وآراء بعض الفاعلين والمحللين كانت تصب في خانة التدخل الملكي لحلحلة ملف المشاورات، وهو ما حسم فيه الملك من خلال لقاء مستشاريه بابن كيران، إذ أكد عدم تدخله في شؤون رئيس الحكومة المعين في ما يخص تشكيل الحكومة ولا في شؤون الأحزاب المعنية بالمشاورات.
ويرى بعض المحللين في تكليف الملك محمد السادس، للمستشارين عبد اللطيف المنوني وعمر قباج، باعتبار الأول خبيرا دستوريا وترأس اللجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، والثاني بصفته خبيرا اقتصاديا، رسالة ثالثة مفادها أن الملك ينبه ابن كيران إلى الكلفة السياسية والاقتصادية، التي قد يتسبب فيها طول مدة المشاورات الحكومية. كما أن انعقاد اللقاء بمقر رئاسة الحكومة يعطيه طابعا رسميا مؤسساتيا.
وكان الملك محمد السادس كلف الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله ابن كيران، في 10 أكتوبر الماضي، بتشكيل حكومته، عقب تصدر حزبه الانتخابات البرلمانية التي جرت في سابع أكتوبر الماضي، وفقا لمقتضيات الدستور، التي تنص على أن الملك يعين رئيس الحكومة من الحزب الذي يتصدر نتائج الانتخابات.
وعقب تكليفه، انخرط ا بن كيران في المشاورات مع الأحزاب السياسية لتشكيل الحكومة، لكنه فشل في مهمته دون أن يُعلن عن ذلك رسميا. ويعزى السبب الرئيسي في فشله إلى تشبثه بإشراك حزب الاستقلال في الحكومة المقبلة، ما قوبل بتحفظ قيادة التجمع الوطني للأحرار.