عندما طحن محسن فكري وخرج الآلاف من مختلف مناطق البلاد للتنديد بما حدث، لم يخرجوا لأن محسن ابن الريف ولكن خرجوا لأن محسن إنسان، إنسان من حقه أن يعيش ويموت بكرامة، خرجوا لكي لا نفجع بموت محسن آخر بتلك الطريقة، خرجوا لأنهم يحلمون بوطن يتسع للجميع، وطن لا يفرق بين أبنائه، وطن يحتضنهم جميعا ويضمن لهم كرامة وحرية وعدالة إجتماعية.
لكن مؤخرا وللأسف، ركبت فئة قليلة موجة الحراك، فأفقدت التضامن قيمته، والنضال معناه… فعندما تجد على صفحة من يندد يوميا بتهميش الريف وساكنته، وفي الوقت ذاته يعتبر بأن المخزن أغرق الريف بالمهاجرين الأفارقة للتضييق على الساكنة ودفعها للهجرة، فكيف يطالب برفع التهميش عنه وهو يمارسه؟ وعندما نجد صفحات المناضلين تتحدث عن كل شيء باسثناء محسن فكري وقضيته، نجد أسماء تتكرر مرفوقة بعبارات بالروح بالدم نفديك، صور لأبطال الحراك كما يزعمون… إذا كان من عينوا أنفسهم أصحابا للقضية تناسوها فلماذا يلومون الناس على نسيانهم لها؟
عندما تقرأ ما ينشره بعض المحسوبين على الريفيين المناضليين، يخيل لك أنهم يتحدثون عن حلب التي تباد، يستظهرون العبارات التي حفظوها من القنوات الإخبارية (الحسيمة تباد، حظر تجوال، اقتحام…) .التهويل والمبالغة في الأخبار قد يخلق متضامين، لكن سرعان ماتتضح الحقيقة ويصبح من الصعب تصديق الناس للأخبار مرة أخرى.
إذا كنت مؤمنا بقضية ما وتدافع عنها فلست في حاجة إلى تضخيم الأخبار، لست في حاجة إلى تفعيل “نظرية المؤامرة”، ولست في حاجة للتباكي، عندما تخرج لأجل قضية فالهدف أن تنتصر لها لا أن تلعب دور الضحية لتنال شهرة واسعة، ولتنتشر صورك على وسائل التواصل، النضال أخلاق وإذا ماضاعت الأخلاق ضاع النضال وضاعت القضية.
ومثلما كنا ضد مقتل محسن، ومهما اختلفنا مع أغلب من يسيطرون على الحراك، ورغم بعض تصريحاتهم العنصرية، فلا يمكن الأن إلا أن نكون ضد جميع أنواع العنف، ضد ماتعرض له النشطاء الأسبوع الماضي في الحسيمة، فمهما اختلفنا مع أسلوب الحراك لكن العنف لا يبرر أبدا، ويجب محاسبة المسؤولين عنه.
لا يمكن إلا أن نتضامن معهم أولا، ثم نتضامن مع الريف ثانيا ضد بعض أبنائه ومناضليه الذين يسيئون إليه ويسيئون لقضية جمعت المغاربة رغم اختلافاتهم.