كواليس اليوم الثاني من محاكمة معتقلي “اكديم إيزيك”

عرف دفاع المتهمين في ملف اكديم إيزيك تصدعا، خلال جلسة اليوم الثلاثاء، عندما أعلن عبد العزيز النويضي، محامي المتهم النعمة الاسفاري، أحد المتابعين في الملف، انسحابه من فريق الدفاع، احتجاجا على محاولة مذكرة الدفوعات الشكلية للمحامي الفرنسي جوزيف بريان، تسييس ملف القضية محط نظر المحكمة، فيما هو ذو طبيعة جنائية، حسب ما جاء في صحيفة “آخر ساعة” في عددها الصادر اليوم الاربعاء.

وقال المحامي والخبير الدولي في حقوق الإنسان، عبد العزيز النويضي، أمام هيئة المحكمة، “بصفتي كمحامي المتهم نعمة الاسفاري، أعلن عن انسحابي من الترافع في هذا الملف، وذلك بعدما اطلعت على تضمين المحامي الفرنسي، في مذكرة دفوعاته الشكلية، عبارة الأراضي المحتلة”، في إشارة إلى الأراضي الجنوبية للمملكة.

وأكد المحامي النويضي، أن قرار انسحابه من هذا الملف جاء كذلك بعد محاولة المحامي الفرنسي، تسييس قضية ذات طابع جنائي، وأكد الحقوقي المغربي الكبير: “أقسم بالله العلي العظيم أنني أنسحب لقناعاتي الشخصية وللأسباب المذكورة، دون ضغط من أي جهة كانت”. وحاول المتهم نعمة الاسفاري، بعد انسحاب محاميه النويضي، وافتضاح مخطط المحامي الفرنسي، الرامي إلى محاولة نسف شروط المحاكمة العادلة في هذه القضية، جر هيئة المحكمة إلى مواجهة ثنائية، فيما عاد آهالي المتهمين، إلى انتهاك حرمة المحكمة برفع شعارات انفصالية…

في غضون ذلك، واصلت غرفة الجنايات الاستئنافية بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، أمس الثلاثاء، النظر في قضية المتابعين في ملف ما يعرف بمخيم “اكديم إيزيك”، في وقت عرفت الجلسة المسائية لأول أمس الاثنين، سجالا بين الدفاع وهيئة المحكمة، وسط رصد مراقبين ومحامين مغاربة أجانب مظاهر اعتداء المتهمين وعائلاتهم على حرمة المحكمة.

وقاد ملتمس دفاع عائلات الضحايا، بفصل ملف المتهم المدعو محمد الأيوبي، عن ملف المتابعين الماثلين أمام المحكمة، بعدما عطل سير المحاكمة بسب عدم استجابته لاستدعاء الحضور، إلى مواجهة قانونية بين النيابة العامة، التي أيدت الملتمس، ودفاع المتهمين.

واعتبر دفاع عائلات الضحايا، يتقدمهم عبد اللطيف وهبي والنقيب الأشهب ونعيمة الكلاف ومحمد بطيح، أن تخلف المتهم عن الحضور رغم توفر النيابة على شهادة تسليم الاستدعاء، يعد عرقلة لإجراءات المحاكمة، في وقت جادل فيه دفاع المتهمين عن مدى احترام الأمر بالاستدعاء للشروط القانونية.

وأكد ممثل الحق العام، خالد الكردودي، أن المحكمة تقيدت بجميع الشروط القانونية المنصوص عليها في المسطرة الجنائية، لاستدعاء المتهم الأيوبي المتابع في حالة سراح دون أن يستجيب لأمر القضاء، ملتمسا من هيئة المحكمة، فصل ملف هذا المتهم عن ملف باقي المتابعين.

ورفض دفاع المتهمين، وسط رصد مراقبين ومحامين مغاربة أجانب بامتعاض كبير عودة مظاهر اعتداء المتهمين وعائلاتهم على حرمة المحكمة، برفع شعارات انفصالية والقفز والرقص فوق كراسي قاعة المحكمة، ملتمس فصل ملف المتهم المدعو الأيوبي، عن ملف باقي المتهمين.

وأدى الفهم المغلوط، لعدد من أفراد هيئة دفاع المتهمين خاصة المحامي الفرنسي جوزيف بريان للمحاكمة العادلة وكذا المتابعين وعائلاتهم، والتساهل المبالغ فيه مع سلوكياتهم المستفزة، بالمحامي وهبي إلى القول للمحكمة، إن “المحاكمة العادلة هي التطبيق السليم للقانون، ولا تعني التضحية بحقوق طرف على حساب طرف آخر”.

وأنهت هيئة المحكمة، برئاسة القاضي يوسف العلقاوي، الجدل حول المسمى الأيوبي، بالأمر بفصل ملفه عن ملف باقي المتهمين، وهو ما أكده حسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، في تصريح للصحافة عقب انتهاء أطوار الجلسة الثانية من محاكمة المتابعين في هذه القضية.

وأكد الوكيل العام للملك، في هذا الصدد، أن المحكمة قررت الاستجابة لملتمس النيابة العامة القاضي بفصل ملف أحد المتهمين، الذي يوجد في حالة سراح، عن القضية طبقا للمقتضيات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية وبرمجتها إلى جلسة 13 مارس المقبل مع الأمر بإحضاره علما أن المتهم توصل بالاستدعاء في موطنه ولم يحضر.

وأوضح الوكيل العام للملك أن جلسة أول أمس الاثنين، عرفت نقاشات بين النيابة العامة ودفاع المتهمين وكذا دفاع الضحايا بشأن حيازة بعض أدوات التصوير والتسجيل التي لم ترخص بها المحكمة، وكذا بعض الوثائق التي كانت بحوزة بعض المتهمين، انتهت بقرار المحكمة القاضي بإرجاع المحجوز لأصحابه باستثناء وثيقة واحدة تبين أن مضمونها لا علاقة له بملف القضية.

وقال الداكي، إن “الجلسة، التي انطلقت على الساعة العاشرة والنصف، حضرها أقارب المتهمين والضحايا ومجموعة من الملاحظين والمتتبعين المغاربة والأجانب، والعديد من المنابر الإعلامية الوطنية والدولية، كما حضر لها جميع المتهمين المعتقلين وحضر متهمان يوجدان في حالة سراح، في حين تخلف الثالث رغم توصله بصفة قانونية”، مشيرا إلى أنه تم تيسير ولوج قاعة الجلسات لكل الوافدين لتتبع أطوار المحاكمة.

وأبرز الوكيل العام للملك أن رئيس الهيئة نبه إلى أن الترجمة الفورية، التي تم توفيرها من طرف إدارة المحكمة لفائدة الملاحظين والمتتبعين الأجانب، ليست ترجمة رسمية، باعتبار أن الترجمة الرسمية هي التي تتم وفقا للمقتضيات المنصوص عليها في قانون المسطرة الجنائية لفائدة الأطراف.

وأضاف أن رئيس الهيئة أعلن في بداية الجلسة أنه استجابة لطلب دفاع المتهمين المعبر عنها خلال الجلسة السابقة، لم يرخص بالتصوير داخل قاعة الجلسات خلال فترة انعقاد الجلسة، مشيرا إلى أن المحكمة بغية تيسير تتبع أكبر عدد من الملاحظين لأطوار المحاكمة، أذنت بنقل وقائع المحاكمة إلى قاعة مجاورة بواسطة المعدات اللازمة التابعة لإدارة المحكمة.

وكانت المحكمة العسكرية بالرباط أصدرت، في 17 فبراير 2013، أحكاما تراوحت بين السجن المؤبد و30 و25 و200 سنة سجنا نافذا في حق المتهمين في الأحداث المرتبطة بتفكيك مخيم “اكديم ايزيك” بمدينة العيون، بعد مؤاخذتهم من أجل تهم “تكوين عصابة إجرامية، والعنف في حق أفراد من القوات العمومية الذي نتج عنه الموت مع نية إحداثه والمشاركة في ذلك”. وأحالت محكمة النقض ملف هؤلاء المتهمين على غرفة الجنايات الاستئنافية بملحقة محكمة الاستئناف بسلا للبت فيه من جديد طبقا للقانون.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة