منحت أكاديمية المملكة، أمس الخميس، جائزتها التكريمية لأحد أعضائها، المفكر والأديب عبد الكريم غلاب، تتويجا لمسيرة حافلة بالعطاء في الأدب والثقافة والسياسة والعمل الوطني.
وجاء الاحتفاء بعبد الكريم غلاب، في ختام الدورة ال44 للأكاديمية التي انعقدت على مدى ثلاثة أيام حول موضوع “من الحداثة إلى الحداثات”.
وقال أمين السر الدائم للأكاديمية عبد الجليل الحجمري إن منح الجائزة للرائد عبد الكريم غلاب عربون تقدير لإنتاج أدبي وفكري عالي المستوى، ولزخم ملفت في المسار الوطني والفكري، مبرزا أن الأكاديمية بصدد مراجعة لنظام جوائزها بغرض إعطائها دفعة جديدة وإشعاعا أكبر.
ورأى أمين السر المساعد للأكاديمية محمد الكتاني في حياة غلاب مسلسل تفاعل إيجابي بين الذات والموضوع، بين فكره وتطور واقع مجتمعه وبلاده، حتى أن إنتاجه الأدبي والنظري يعد صورة معبرة بأمانة عن منعطفات التاريخ الوطنية قبل الاستقلال وما بعده في صيرورة بناء الدولة الحديثة.
واستعاد الكتاني أهم محطات حياة المحتفى به الذي قاده حب المغامرة والاكتشاف والتعلم من جامعة القرويين إلى القاهرة حيث كان من مؤسسي مكتب المغرب العربي عام 1947، معتبرا إياه واحدا من رموز النخبة المغربية التي ناضلت مبكرا من أجل استرجاع مقومات الهوية الوطنية ومكافحة الاستيلاب الاستعماري مع الانفتاح على الحداثة وقيم التقدم.
وأضاف أن غلاب، بمذهبه الفكري القائم على رؤية تركيبية للواقع ووعي بالزمن المتطور، ظل مشدودا إلى تحقيق تطلعات مجتمعه، والعمل على إعادة بناء الشخصية المغربية على أساس الديمقراطية ومعادلة الهوية والحداثة.
وعبر عبد الكريم غلاب عن امتنانه لتكريم من مؤسسة أكاديمية ساهم في إرساء لبناتها العلمية إلى جانب نخبة من الشخصيات الفكرية الوطنية التي كلفها جلالة المغفور له الحسن الثاني، طيب الله ثراه، بوضع ركائز هذا المشروع العلمي ذي الأفق الكوني.
وأعرب غلاب عن أمله في تطوير عمل الأكاديمية وبرامجها حتى تكون قاطرة للفعاليات الثقافية والعلمية بالبلاد، وتظل فضاء تلتقي فيه الشخصيات البارزة في مختلف مجالات العلوم والابداع، من مختلف المشارب والأقطار.
وأسدلت هذه الفعالية التكريمية الستار على دورة حافلة انكبت على مجموعة من مجالات التفكير المرتبطة بالحداثة، من قبيل الدين والفكر والإبداع والحركيات البين ثقافية والقانون والفكر الاقتصادي والتراث وتأثير الحداثة على المسألة الاجتماعية وغيرها.
وناقش المتدخلون الحاجة إلى حداثة حقيقية بالنسبة للفكر العربي الإسلامي، والحداثة والتحديات البين ثقافية التي تفرضها، والحرب الكبرى والحداثة في الشرق الأوسط، والإصلاح الاقتصادي في المغرب ما بين 1956 و2016 والنساء المغربيات في مواجهة تحديات الحداثة وغيرها من المواضيع.
كما قارب المشاركون “سؤال الحداثة” و”الحداثة .. المرجعيات النظرية والفكرية”، و”تمثلات الحداثة والتحديث (قانون المؤسسات)” و”الحداثة والتراث .. صراع التأويلات”، و”الحداثة والفكر والإبداع” و”الحداثة والدين وإشكالية القيم”، و”تداعيات الحداثة والمسألة المجتمعية”.
يذكر أن أكاديمية المملكة المغربية تأسست بموجب الظهير الصادر بتاريخ 8 أكتوبر 1977 وهي تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلالية المالية، وتتميز بتعدد تخصصاتها وتنوع جنسيات أعضائها.
وتعنى الأكاديمية بتشجيع البحث في مجالات العلوم الدينية والفلسفة والأخلاقيات والتاريخ والفنون الجميلة والعلوم التجريبية والطب والدبلوماسية وعلوم الحرب والإدارة والاقتصاد والصناعة والتمدن وغيرها.