بعد تأهل المنتخب المغربي لكرة القدم لربع نهاية كأس افريقيا خرجت فئة من الشعب تسخر من كل من عبر عن فرحه بفوز المنتخب، واعتبروا ذلك طريقة ذكية من الدولة لإلهاء الشعب عن القضايا الأم، وبأن الكرة أفيون الشعوب، وبأن الشعب عليه ألا يفرح وهو يعيش في ظل دولة كالمغرب.
لا أعلم لماذا يستخسرون على الناس بعض لحظات الفرح، لماذا يصرون على أن يضيقوا على الناس دينهم ودنياهم؟ فبعض الفقهاء لم يتبق له سوى إصدار فتاوي تجيز أو تحرم التنفس، وبعض أشباه المناضلين يريدون أن يجعلوا من الناس آلات بأزرار، يضغطون زرا ليصفقوا لهم وآخر ليوافقوا على مايقولون ويتباكون على ما سمح لهم به.
ألا يحق لمواطن ربما أرهقته الحياة أن يجد متنفسا يفرغ فيه طاقته السلبية، يفرح ويرقص ولو لسويعات؟ ألا يحق لهذا الوطن أن يفرح أبناءه ولو بإنجاز بسيط بدل التدمر الدائم منه؟
لا أعلم منذ متى أصبح النضال مرتبطا بالتهجم على كل ما له علاقة بالبلد، لا أعلم منذ متى كان النضال بتشجيع الخصم في مباراة كرة قدم، وبماذا سيفيدك في “مسارك النضالي” ؟ هل تنتظر أن يكتب التاريخ بأنك مناضل حقيقي لأنك شجعت ساحل العاج أو مصر بدل المغرب؟ أم هل هو فقط مبدأ خالف تعرف، ولتتقمص دور الشخص الذي يفهم أكثر من الاخرين و يرى ما لايرون ويؤمن بنظريات المؤامرة؟ وبماذا ستشعر وأنت ترى الخصم الذي شجعته يبكي فرحا إذا انتصر وحزنا إذا خسر؟ إذا كان المكسب الوحيد من كرة القدم أو أي إنجاز بسيط هو إدخال السرور على قلوب الناس مهما اختلفت فهل هذا لايكفي لتغير رؤيتك للأشياء؟
أن تكون مناضلا يعني أن تحب وطنك، أن تسعى لأن يكون الأفضل، أن تتقبل الاخرين مهما اختلفوا معك، أن تشعر أنك جزء لا يتجزء من هذه الأرض، أن تحمل معك وطنك في قلبك أينما حللت وارتحلت، فالوطن هو الذي يسكننا وليس هو الوطن الذي نسكنه ، أن تكون مناضلا يعني أن لا تتبرأ من الشعب وتصفه بأقدح الصفات،النضال أخلاق وحب الوطن لا يكون بسب المختلفين عنا.
إذا كان النضال بالنسبة لك هو احتقار الوطن والمواطنين فعليك أن تراجع معنى النضال وأكثر من ذلك عليك أن تبحث عن وطن. فالوطن أكبر من كل هذا.