علاء الأسواني يكتب: كيف تصبح مثقفا كبيرا في ست خطوات؟!

أولا: اهتم بمظهرك

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يجب أن يكون مظهرك مميزا كمثقف..لا تستعمل رباط العنق أبدا. لف كوفية حول رقبتك وارتد ملابس أنيقة ولكن كلها “كاجوال”..جاكيت جلد وبنطلون جينز من الماركات الشهيرة. .اذا كنت أصلع ضع على رأسك قبعة “بيريه” ولا تحلق ذقنك. اتركها تنبت قليلا لتبدو وكأن ذهنك مشغول بالأفكار العميقة. اذا كنت امرأة فاتركي شعرك طويلا منكوشا مبعثرا في خصلات متناثرة واذا كان شعرك أكرت أجدليه في ضفائر رفيعة على الطريقة السودانية. جميع اكسسوارتك من حلقان وخواتم وأساور يجب ان تكون من الفضة أو النحاس لأن الذهب لايليق بالمثقفين. . بالنسبة للجنسين يجب أن تكون النظارة الطبية مستديرة تماما يحوطها اطار اسود أو سلك رفيع. هكذا يبدو المثقف

ثانيا: تعلم كيف تتكلم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عندما تنطق اضغط على مخارج الحروف. يجب أن تبدو وكأن أفكارك سريعة متلاحقة تسبق قدرتك على التعبير. استعمل في كلامك كلمات انجليزية أو مصطلحات لايفهمها العامة. كأن تقول  مثلا:

– هذه قضية زمكانية فلنخالف اذن سيكولوجية البطل الضد ..

أو تقول:

– يجب أن نكشف كل اللحظات المسكوت عنها حتى نقضى على التواطؤ الاجتماعي المراوغ ..

من المفيد أيضا أن تستعمل أسماء لمفكرين عالميين بدون التعريف بهم كأن تقول:

– “بصراحة ياجماعة  ميخائيل باختين يرفض هذا المنطق تماما” أو تقول:

ـــ “هذا بالضبط ماحذرنا منه رولان بارت أكثر من مرة”، سوف تصيب كل من يستمع اليك بالرهبة ولن يسألك أحد من هو بارت أو باختين حتى لايكشف جهله وستتأكد مكانتك كمثقف كبير

ثالثا: ابحث عن الراعي الأمني:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أجهزة الأمن تحكم مصر. لابد أن تجد ضابطا في جهاز أمني يتبناك معنويا.. اذهب اليهم. قدم نفسك وقل لهم انك تدرك كمثقف ان ثورة يناير مؤامرة وأن مصر تتعرض لمخطط شرير صهيوني ماسوني لاسقاط الدولة وأنك تضع نفسك تحت أمرهم من أجل الوطن. سيعجبهم هذا الكلام وستكون صداقتك بالأمن مفيدة للغاية. سيتولى الضابط توجيهك فيما يخص الآراء السياسية التى يجب أن تقولها وستنفتح أمامك الأبواب المغلقة جميعا. مكالمة توصية واحدة من ضابط صغير ستمنحك مقالا أسبوعيا أو يوميا في أكبر الصحف وستجعلك ضيفا دائما على البرامج في القنوات التليفزيونية.

رابعا: اصنع انتاجك الأدبي

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

يجب أن تكون صاحب مؤلفات. لايشترط أن تكون موهوبا. الموضوع بسيط. اكتب الشعر لأن الرواية تستغرق وقتا طويلا. لا أحد يقرأ الشعر في مصر ماعدا قلة من الناس رأيهم غير مؤثر. اكتب قصائد قصيرة على النمط التالي:

“هل  يأتي القمر الليلة ….؟”

“هل يصطحب الشمس والنجوم ..؟”

” سأنتظر القمر وأنتظرك حبيبتي في السرداب السرمدي ..”

“امسكي القمر مستديرا في يدك اليمنى وتعالي”

هذا نموذج لقصيدة ستكتبها في دقائق  واليك نموذج آخر

“حبيبتي أين نهرب..؟!”

“أنا وأنت مصلوبان في مدينة القبح الاستوائية”            ”

“ننتظر الموت فيراوغنا”                                   ”

“يلوح لنا ثم يركض كسنجاب لعوب”                           ”

“تعال أيها الموت الرعديد والا قتلتك”                      ”

اجلس إلى مكتبك واكتب عشر قصائد على هذا المنوال ثم ادفع مبلغا لأي دار نشر لتنشرهم في كتاب وستكون حينئذ شاعرا صاحب مؤلفات.

خامسا: اختر معركتك بعناية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اياك أن تعارض نظام الحكم بجد. اياك أن تعلن رفضك للقمع أو التعذيب أو الاختفاء القسري. حذاري من أن تشكك في عبقرية الرئيس السيسي أو في عظمة مشروعاته العملاقة. اذا فعلت ذلك ستكون الجاني على تفسك.

اختر معركة صغيرة لذيذة شكلها حلو وتصدر المشهد. اذا رفضت مجلة نشر قصيدة لشاعر مبتدئ اصدر بيان ادانة فورا واجمع توقيعات عليه دفاعا عن حرية التعبير ولا مانع من وقفة احتجاجية بعد استئذان الضابط الذى يرعاك.  اصنع مبادرة لتنظيف الشارع في الحي الذى تسكنه وعندما تأتي وسائل الاعلام. خذ مكنسة وابدأ في كنس الشارع أمام الكاميرات وقل بحماس:

– يشرفنى أن أكنس وطني الحبيب.

في اليوم التالي ستتصدر صورتك ومعك المكنسة كل الصحف والمواقع وسيكون العنوان:

“المثقف الكبير يكنس الشارع حبا في مصر”

سادسا: اغتنم الفرصة الذهبية

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اذا نفذت الخطوات السابقة بمهارة ستتم دعوتك للقاء الرئيس في اجتماعه مع المثقفين. هذه فرصتك الذهبية لو أضعتها لن تأتي مرة أخرى.. اياك أن تمدح الرئيس بطريقة سوقية مباشرة كما يفعل السياسيون والاعلاميون. كن مختلفا. كلمتك أمام الرئيس يجب أن تحمل مديحا متضمنا عميقا مع لمسة ثقافية ولابد أن تنتهي بحماس مؤثر.يمكنك أن تقول مثلا:

– سيادة الرئيس باعتباري قارئا للتاريخ ودارسا للاجتماع السياسي أؤكد لسيادتكم أن اسرئيل والدول الغربية تتآمر علينا باستعمال حروب الجيل الرابع. انهم يعلمون ان مصر السيسي ستصبح دولة عظمى في سنوات قليلة وهم يريدوننا أن نفشل حتى نركع لكنك ياسيادة الرئيس قادر على اجهاض المؤامرة الكبرى. مصر السيسي لن تركع أبدا.. تحيا مصر..تحيا مصر.

سيرضى عنك الرئيس وقد يبتسم لك وربما تنال الشرف ويضع يده الكريمة على كتفك ويوجه لك حديثا شخصيا أمام الكاميرات. هكذا تكون وصلت للقمة..هنيئا لك المناصب والأموال التى ستنهمر عليك. استمتع.

Total
0
Shares
أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشورات ذات الصلة