كجي يدق ناقوس الخطر في : مبادرة من أجل حزب تقدمي ومستقل

أطلق بعض المناضلين عقب نتائج الانتخابات التشريعية للسابع من أكتوبر 2016 مبادرة عبارة عن نداء الأمل موجه إلى مناضلي ومناضلات حزب التقدم والإشتراكية، يثير الانتباه إلى المخاطر التي أصبحت تهدد كيان الحزب من جراء سلوك القيادة الحزبية.
وقد كان الأمل في أن يشكل اجتماع اللجنة المركزية المنعقد في 30 أكتوبر 2016 مناسبة لتتدارك القيادة الموقف وتعالج الأعطاب التي أصابت ذاتها، وتتفاعل إيجابيا مع الملاحظات والانتقادات الموجهة لها، وتتحلى بالشجاعة الأدبية والسياسية اللازمة بأن تتوجه إلى اللجنة المركزية بتقرير تقدم فيه نقدا ذاتيا صريحا حول فشلها في تدبير المرحلة، وتقدم استقالة جماعية، لتتحمل اللجنة المركزية مسؤولياتها في الدعوة إلى عقد مؤتمر استثنائي لتقييم المسار والتدقيق في المرجعية الفكرية والايديولوجية للحزب والتدقيق في تصوراته للتحالفات وانتخاب هياكل وقيادات قادرة على التصريف الأمثل لمقررات المؤتمر.
غير أن الأمل في استعادة الحزب لاستقلاليته وتميزه وتفرده، قابلته القيادة المتنفذة بعنترية واستعلاء وبمنطق “خير جماعة أخرجت للناس” لا يأتيها الباطل من خلف ولا من أمام وما دونها من اراء لا تستحق أن يلتفت إليها…
وتحولت الدورة إياها إلى مهرجان خطابي للزعيم ،مارس فيه هوايته المفضلة مع فتح المجال ل”النقاش” بمداخلات انتقيت بعناية فائقة لتبارك له قرار المشاركة اتخذه سلفا،دون أن يغفل تأثيت الفضاء بأخرى منتقذة ،لكنها من صنف “عتاب الحبيب”… إلا من رحم ربك وهم قلة قليلة.
واستمر مخطط سحب الاختصاصات من أعلى جهاز تقريري بين المؤتمرين بتهريب النقاش حول القضايا المصيرية للحزب (تقييم محطة الانتخابات مثلا) من فضاءه الطبيعي والشرعي (اللجنة المركزية) إلى فضاءات أخرى ليس موكولا لها هذا الدور،وهذه من المناورات البئيسة والمكشوفة التي تتغى خلق رأي عام حزبي على المقاس.
وإمعانا منها في سياسة فرض الأمر الواقع ولتبخيس دور وصلاحيات الجهاز التقريري دعت القيادة إلى اجتماع اخر يتبين من الشكل الذي سينظم به(نظام الورشات) أن هناك نية مبيتة في تعويم النقاش في الورشات و بتجزيئه إلى مواضيع فرعية وأحيانا جانبية فيما يشبه دورة تكوينية وليس دورة للجنة المركزية، وكأن الحزب في وضع طبيعي لا يستدعي وقفة خاصة لمساءلة الذات حول الخط والمسار.
وبما أن القيادة ضيقت إلى أقصى الحدود من مجال ممارسة النقد وتصر على حرمان الآراء المختلفة من حق المساهمة في النقاش داخل دورات اللجنة المركزية، ارتأيت أن أعمم على الرفيقات والرفاق مساهمتي من خلال هذه الورقة التي حاولت فيها تشخيص وضعية الحزب وإبراز بعض الاختلالات والانحرافات التي طبعت ممارسات قيادته منذ المؤتمر الوطني الثامن إلى اليوم .
توطئة :
إن ما يميز الأحزاب الحقيقية والجادة عن غيرها من الأحزاب، هو أن الأولى تعبر عن حاجة مجتمعية وعن ضرورة تاريخية، وتنطلق في صياغة مشاريعها وتصوراتها المجتمعية من مرجعية فكرية وإيديولوجية واضحة متكاملة ومتناسقة يربطها خيط ناظم في التحليل وفي المماسة.
و هي الأحزاب التي تمارس عملها وفق خط سياسي واضح وتكتيك واستراتيجية واضحتين بمواقف ثابتة غير متذبذبة تحكمها الاعتبارات المبدئية لا الاعتبارات الظرفية…
كما أن الأحزاب الحقيقة هي التي تشتغل على المستوى التنظيمي وفق رؤية تروم الدقة والضبط وتجعل من هيآتها هياكل حية، لا هياكل جامدة فارغة من أي محتوى، وتربط الممارسة بالنظرية وتحرص على التناغم بين الكم والكيف.
كما أنها تجعل من آلية التأطير والتكوين لمنخرطيها ومنتسبيها ضرورة ملزمة ومتلازمة لسيرورتها، لتكسبهم بذلك مناعة ضد الطموحات الذاتية الجارفة وتجعل منهم مناضلين يتصفون بنكران الذات، بما يحولهم إلى طاقات فاعلة وفعالة في خدمة المشروع المؤطر لعمل الحزب .
هذا عن جدية الأحزاب وعن شرعية وجودها، أما فيما يخص تصنيفات الأحزاب من حيث علاقتها بحركة التاريخ فهي إما رجعية أو تقدمية ؛ فالأحزاب التقدمية هي الأحزاب التي تسعى إلى التأثير في الواقع القائم في أفق تغييره نحو الأفضل وفق تصورات تنتصر لقيم العقلانية والتقدم والمستقبل وترفض قيم النكوص والرجعية والمحافظة ، جوهر مشروعها كذلك الاعتراف بقيمة الإنسان وكيانه ، مما يجعلها في موقف المنحاز والمنتصر له بغض النظر عن دينه أو لونه أو عرقه أو لغته أو موقعه المجتمعي وفي غير ارتهان لأية بنية اجتماعية أو ثقافية أو سياسية أو اقتصادية إلا في حدود ما تفرضه موازين القوى في مجال الفعل السياسي.
وهي الأحزاب التي تعمل على الرفع من مستوى وعي المجتمع وتجسد في برامجها ومواقفها وسلوكها وهياكلها القيم التي تترجم تمثلها للمجتمع المنشود.
لا أرمي من المقدمة أعلاه إلى تأطير فكري ولا إلى تأصيل نظري لمفاهيم تحتاج لكثير من الدقة والدراسة وإنما أردتها مدخلا عاما يحدد بعض الملامح لتصور فئات واسعة من مناضلي حزبنا لماهية الأحزاب الجادة والتقدمية ومدى قرب أو بعد حزب التقدم والاشتراكية من هذه الصورة، انطلاقا من تشخيص لواقعه الحالي.
شذرات من الماضي:
قبل التطرق إلى الواقع الذي آلت إليه أوضاع الحزب لا بد من العودة قليلا إلى الوراء للتأكيد على أن هذا الحزب ظل مستجيبا لكل مواصفات الحزب الحقيقي والتقدمي والمكافح منذ تأسيسه وإلى غاية 1995 حيث بدأت بعض المؤشرات المقلقة في الظهور تزامنا مع انهيار ما كان يسمى بالمعسكر الاشتراكي و ظهور طروحات تنظر لنهاية الفكر الاشتراكي والشيوعي بانهيار “تطبيقاته” على أرض الواقع.
و كان من الطبيعي أن يكون لهذه الدعوات صدى لدى فعاليات داخل حزب التقدم والاشتراكية اعتبرت الفرصة مواتية للإعلان عن طموحاتها الانتهازية، والتي لن تتحقق إلا بالعمل بداية على طمس هوية الحزب ومحو كل ما يحيل على مرجعيته في الأدبيات الحزبية وخاصة في الوثيقة السياسية للمؤتمر الوطني الخامس المنعقد سنة 1995. وهو ماسعت إليه هذه المجموعة وبكل الوسائل، من ذلك الهجوم على بعض الرموز الحزية الذين قد يصبحون مقاومين محتملين لمخطط الاستلاء على الحزب، ومن هؤلاء الرفاق من تعرض لحملات دعائية مسمومة كما هو الشأن للراحل شمعون ليفي وكذلك الأمين العام للحزب أنذاك الراحل علي يعتة ، وآخرون لا يسع المجال لذكرهم. وأمام المقاومة الشرسة التي لاقاها هذا المشروع، اتجه عرابوه رأسا إلى ارتكاب المحظور بالانشقاق عن الحزب وتأسيس حزب جديد. ومع توالي السنوات منذ انهيار الجدار ، وبالرغم من واقعة الانشقاق، فإن الحزب كان يستعيد تدريجيا تميزه ويتجاوز آثار الهزات الارتدادية لانهيار المعسكر الشرقي والانشقاق الذي تعرض له بعد ذلك ، وقد لعب الحزب خلال هذه الفترة دورا أساسيا ومحوريا في الحياة السياسية الوطنية وكانت إسهاماته واضحة في التنظير لتصور سياسي جديد حول علاقة أحزاب الحركة الوطنية بالمؤسسة الملكية مبنية على التوافق الإيجابي بدل علاقة الصراع والصدام التي عمرت لعقود من الزمن.
إن هذه الدينامية التي ساهم فيها الحزب بقسط وافر وزعيمه آنذاك الرفيق علي يعته، فتحت الباب أمام تشكيل حكومة التناوب التوافقي سنة 1998. تجربة انخرط فيها حزب التقدم والاشتراكية بإجماع أعضائه، انطلاقا من وعيهم بأن تلك المشاركة هي مشاركة سياسية من أجل الوطن، ومن شأنها تدعيم أسس الثقة بين مكونات المشهدالسياسي والمؤسساتي الوطني .
وبعد المصير الذي آلت إليه تلك التجربة آثرت الاحزاب المشاركة فيها وخاصة الأحزاب التقدمية إلى التهافت على المشاركة في تجربة أخرى لم تكن بأي صورة من الصور تجسد روح التجربة السابقة، في الوقت الذي كان حريا بها العودة إلى مواقعها وترميم آثار الاضرار الجانبية التي مست هياكلها ومنظماتها الموازية طيلة الخمس سنوات من المشاركة. وكانت بذلك ستقدم خدمة أخرى للوطن لا تقل أهمية عن تلك التي قدمتها بمشاركتها في حكومة التناوب التوافقي.
طبيعة القيادة الحزبية وانعكاس سلوكها على واقع الحزب:
إن هم المشاركة كغاية في حد ذاتها، و بأي ثمن كان ، وبأي شكل كان وفي أي ظرف كان، ظل هاجسا ملازما لقيادة حزب التقدم والإشتراكية أكثر من غيرها من قيادات الأحزاب الوطنية، واجتهدت وجاهدت في في ابتداع تنظيرات تلوي عنق الحقيقة بغاية تبرير المشاركة والمشاركة فقط.
هكذا فإن حزب التقدم والاشتراكية هو الحزب الوحيد الذي شارك في كل الحكومات من الحكومة الاشتراكية إن صح التعبير إلى الحكومة الإسلامية إن صح التعبير كذلك، مرورا بالتقنوقراط والتحالف مع كل الأحزاب اشتراكية، محافظة ليبرالية، يسارية، يمينة…
وفي سعي حثيث من قيادته لتكريس هذه الثقافة الغريبة عن هويته والتي تضرب في العمق أسس تميزه ،سعت بكل الوسائل إلى خلق واقع تنظيمي جديد مبني على الإبعاد والإقصاء الممنهج للمناضلين الذين يبدون قدرا من الاستقلالية في الرأي والجرأة في التعبير عنه في مقابل خلق جيش من المريدين الذين تشترط فيهم صفات الولاء للأشخاص المتنفذين وللزعيم على وجه الخصوص، وتجسد هذا المنحى بشكل مكشوف ومفضوح في المحطتين التنظيميتين للمؤتمر الوطني الثامن و التاسع والمؤتمر الاستثنائي الأخير ودورات اللجنة المركزية المتتالية.
ومن دون كبير عناء يمكن للمتتبع عموما والمناضل الحزبي على وجه الخصوص أن يلاحظ العديد من سمات الأزمة على المستويات التالية:
– على مستوى المشاركة انتقل سعي الحزب من المشاركة لأجل الموقف إلى مشاركة لأجل الموقع،
– على مستوى التركيبة البشرية، تحول الحزب من حزب للمناضلين إلى حزب للمريدين والأتباع،
– على مستوى الانفتاح تحول الحزب من الانفتاح على شخصيات وطنية نظيفة ذات مواقع اجتماعية مؤثرة تسمح بإشعاع الحزب، إلى هاجس الانفتاح على الأعيان كيفما اتفق بغض النظر عن ماضيهم وعن نظافة يدهم وبغض النظر على مدى قابليتهم للالتزام بخط الحزب وثقافته وقيمه .
– على مستوى القيم تحول الحزب من مدرسة تجسد وتروج للقيم التي يجب أن يكون عليها المجتمع الذي يصبوا إليه، إلى فضاء يتعايش داخله المنتسب ذو القناعات المحافظة وربما الأصولية حتى، مع المناضل ذو التوجهات الاشتراكية والتقدمية.
والنتيجة أن الحزب فقد بوصلته وفقد تميزه وهويته ناهيكم عن الاساليب التي حولت هيئات الحزب الوطنية والمحلية إلى تجمعات بشرية بدون ملاح يصعب معها القيام بأدوارها في التقرير والتنفيذ و اللجنة المركزية الحالية والمكتب السياسي الحالي نموذجان صارخان في هذا الصدد ،أما على مستوى الفروع، فحدث ولا حرج …..
في ظل هذا الواقع الموسوم بالمؤشرات السلبية الآنف ذكرها فرضت القيادة الحالية في مسرحية قيل عنها أنها دورة للجنة المركزية المشاركة في حكومة 2011 بقيادة حزب لا نتقاطع معه في شيء اللهم من بعض المقولات أرادت القيادة الحالية أن تجعل منها هما حزبيا ، وهي مقولات لا تسمن ولا تغني من جوع، من قبيل محاربة ما تسميه أدبيات إسلاميي المشرق بالتحكم وهلم مفاهيم ومفردات غريبة عن معجم وقاموس حزب التقدم والاشتراكية المعروف بحكمته و برزانة وبدقة تحاليله وبغزارة اجتهاداته وهو الذي يعود له الفضل في انتاج مفاهيم خاصة به أغنى بها القاموس السياسي الوطني.
مشاركة فقد فيها الحزب ليس فقط هويته حينما انساقت قيادته وراء إغراءات المناصب والمواقع وتخلت عن الدور الطبيعي للحزب الذي يجسد خط الدفاع الأخير في مواجهة الأفكار الرجعية والنكوصية بل تجاوزت هذه القيادة كل حدود المعقول حينما رضيت على نفسها بأن تتحول إلى بوق يرجع صدى الخطاب الأصولي ،فعلى امتداد خمس سنوات تحول الأمين للحزب إلى ناطق رسمي باسم بنكيران وجماعته، خمس سنوات تماهى فيها الحزب وقيادته مع حزب العدالة والتنمية سياسيا وقيميا وكأن حزب التقدم والاشتراكية بدون تاريخ ولا أمجاد ولا رموز حتى ينزل إلى حضيض الاسترزاق وتوسل الشرعية وأسباب القوة من تيارات الإسلام السياسي،والتي نعلم يقينا أنها لا تنظر بعين الرضا لتاريخ وهوية حزب التقدم والاشتراكية، بالرغم من المجاملات المخادعة والماكرة والتي يفرضها عليها وضع التقية التي تمارسها في سبيل التمكين ثم الزحف العظيم ولنا في تجارب التاريخ ما يكفي من الامثلة للتدليل على العقيدة الفاشستية، وأحادية الرأي وعدم الاعتراف بالآخر عند هؤلاء ،ومنها فضاعات الإبادة والتنكيل بحلفائهم الشيوعيين في حزب تودة عقب إسقاط نظام الشاه بإيران ، وماذا كان مصير أنور السادات الذي مد يد المصالحة إليهم .
وبالعودة إلى زلات قيادة الحزب خلال هذه التجربة نذكر منها مباركتها للقرارات اللاشعبية التي مست القدرة الشرائية للطبقة العاملة وعموم الكادحين والذين نعتبر تمثيلهم و الدفاع عن مصالحهم من صميم هوية الحزب وسبب وجوده أصلا ،دون ان ننسى مباركتها ومشاركتها في قرارات أخرى مست الفئات الوسطى وعموم الموظفين من خلال قوانين التقاعد المجحفة.
إن مشاركة الحزب في هذه التجربة وبالرغم من التطبيل والتهليل لها ووصفها بغير المسبوقة في تاريخ المشاركات بالنظر إلى التمثيلية الوازنة في التشكيلة الحكومية بخمسة وزراء ،فإن ذلك لم ينعكس على الأداء التنظيمي العام للحزب وعلى حصيلته الإنتخابية ،وإن المستفيد الوحيد من هذا الزواج غير الشرعي هو حزب العدالة والتنمية الذي استطاع بمكر ودهاء الإخوان المسلمين أن يحول حزب التقدم والاشتراكية إلى رهينة في يده ، حيث عزله عن محيطه وبيئته الطبيعية(قوى الحداثة والتقدم)، ثم توريطه في حروب لا حاجة له بها ولا هي من مهماته أصلا مستغلا تهور الأمين العام واستعداده الدائم و اللامشروط لبذل الغالي والنفيس من أجل سواد عيون الأخ الأكبر والذي لمح إلى هذا المطب حينما خاطب الحاضرين في اجتماع الصخيرات “هذا الرجل (في إشارة إلى الأمين العام) غامر بحزبه ولا زال سيغامر به ” ).بهذه الخطة الماكرة فرض الحزب الأصولي على حزبنا موقع المتوسل الدائم لصدقاته ولعطفه ورحمته ، وبذلك أصبحت استقلالية قرار الحزب في مهب الريح…
إن النتائج الأخيرة للانتخابات مجلس النواب وقبلها الانتخابات الجماعية و انتخابات مجلس المستشارين بينت على أن ما تم تسويقه طيلة هذه الفترة حول نجاحات الحزب وإشعاعه الذي اخترق كل الآفاق، وعن قوته التي لا تقهر ،لم تكن سوى خطابا مزيفا وبيعا للوهم لا يترجم الحقيقة على الأرض ، وتبين كذلك أن قوة الحزب المسوقة إعلاميا خدعة ليس إلا و”دوباجا” ساهمت فيه الكتائب الالكترونية للحزب الوصي …كما أن المقاعد السبعة المتحصل عليها أحرزها المرشحون بمجهوداتهم الخاصة وبالوسائل المتعارف عليها في السوق الانتخابية ، وجل هؤلاء الفائزون لا تتعدى علاقتهم بالحزب حدود التزكية للإنتخابات لا أكثر …
وأخطر ما في الأمر أن قيادة الحزب وبالرغم من هذه النتائج الكارثية ،وهذا المسلسل من التراجعات تنظيميا وسياسيا وانتخابيا ،وبدل أن تتحلى بالشجاعة الأدبية وبالجرأة السياسية وتقديم نقد ذاتي عن أدائها وتقييم المسار الذي انخرط فيه الحزب منذ 2010 والبحث عن حلول لمعالجة الأعطاب والتصالح مع الذات ومع المناضلين الذين يشكلون ضمير الحزب وصمام أمانه ،بدل هذا راحت تبحث لها عن مشاجب وهمية لتعليق فشلها بمنطق الآخر هو الجحيم (بلاغ المكتب السياسي عقب إعلان نتائج الإنتخابات ).
والغريب في أمر هذه القيادة ،أنها بدل أن تنكب على حلحلة تعقيدات الوضعية السالف ذكرها، اختارت سياسة الهروب إلى الأمام ، وبدأت تستعد لوليمة المشاركة مجددا وانخرطت في هيستيريا الإستوزار وكأن الحزب حصل على التفويض الشعبي اللازم لتسيير الشأن العام …أين احترام نتائج الصناديق التي يتبجحون بها ؟اين احترام الإرادة الشعبية؟؟
وعطفا على ما سبق نتساءل هل أصبحت مشاركة الحزب في كل الحكومات من التوابث التي لا نقاش فيها ؟ هل موقع المعارضة يرعب القيادة إلى الحد الذي يجعلها تسعى للمشاركة ولو في شروط لا تحفظ كرامة الحزب أمام الفرقاء السياسيين والرأي العام ؟؟
أسئلة وأخرى لا مجال لتفكيكها الآن في انتظار ما سيستجد في الساحة السياسية من معطيات وأحداث ، ..وإلى ذلكم الحين أعول على تفاعل عموم الرفاق والرفيقات مع مضمون هذه الورقة بما ينمي دينامية النقاش الحر والمستقل خدمة للمشروع التقدمي الذي كان سبب التزامنا الأول وسيظل مبرر وجودنا.
ملاحظة لابد منها : تفاديت استعمال عبارة “الديوان السياسي” وعوضتها بالقيادة،اقتناعا مني بأن أعضاءه ليسوا ملة واحدة ومنهم من يشاطر مضمون هذه الورقة، وبأن القيادة هم مجموعة صغيرة حاكمة ومتحكمة ومستحكمة في كل مفاصل الحياة الحزبية.
أحمد كجي

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة