بلال مرميد على ميدي 1 : “غزية” عيوش الذي لا يمثلني..

فيلم “غزية” الجديد جدا لنبيل عيوش، هو الذي سيمثلكم في الدور التمهيدي لأوسكار أفضل فيلم أجنبي. نعم سيمثلكم، وإن لم تمنحوا الفرصة ولا المهلة لمشاهدته. نعم سيمثلكم، ولن أسرد هنا أسماء اللجنة التي اختارته،لأن الهدف (على الأقل حاليا) ليس هو شخصنة الموضوع بل التنبيه إلى أن القائمين على سينمانا يتركون الحلول الواضحة و يلجؤون لتلك الغامضة و الغريبة.
اكتبوا ما شئتم، و لن يغير الأمر و لو تفصيلا صغيرا مما نحن مقدمون عليه من إقبار لكل مكتسب حققته السينما عندنا. معاول الهدم تواصل بوتيرة كبيرة، و نحن أيضا ملزمون بمواصلة اشتغالنا و إن كان اشتغالنا لا يوقف للأسف أعمال الهدم.
المهرجانات الجادة عندنا تقتل، وكم الأفلام ينقص سنة بعد أخرى و أسى يبعث على الأسى و حسابات تافهة و آخر فصول العبث، حكاية اختيار الشريط الذي يمثل المغرب في الدور التمهيدي للأوسكار.
نحكي اليوم الشطر الأول من قصة مشاركتنا في الدور التمهيدي لأوسكار أفضل فيلم أجنبي، وطبعا لن يغير كلامي و لن تحركهم كلماتي في الأركان المقبلة. لا أريد أن أغير شيئا،لكن لي الحق في أن أخط سطوري بكل حرية يضمنها لي بلدي و بالتالي دعونا نعبر للشرح الذي سيصيبكم كما أصابني بالضنك..
هل فعلا نحتاج في بلدنا تكوين لجنة لاختيار الفيلم الذي يمثلنا في الدور التمهيدي للأوسكار؟ لماذا نحتفظ بالعادات السيئة و نلفظ تلك الجيدة؟ و هل نحسن اختيار من يختارون الفيلم الذي يمثلنا، أم أننا نمنح الفرصة لأي كان لكي يقوم بأي شيء بطريقة تبعث على الريبة؟ لجنة انتقاء يرأسها التشكيلي و الروائي و الفنان ماحي بينبين، الذي سبق و اشتغل عيوش على روايته “نجوم سيدي مومن” ليخرج شريطه “يا خيل الله”، وتضم في عضويتها أناسا أحترمهم كأشخاص لكن أول عابر سبيل سينتبه إلى قربهم من نبيل عيوش. حتى و لو كانت صدفة،فالصدف في هذا المجال مرفوضة و لا مكان لها.هل تعلمون بأن الفيلم الذي سيمثلكم لم يشاهده لحد الآن مهنيون و لا عارفون بالميدان؟ وهل تعلمون بأن العروض التقنية المغلفة بطابع تجاري في إحدى قاعات مراكش التي توجد المشرفة عليها ضمن اللجنة، لا تمنح الشرعية الأخلاقية على الأقل لاعتبارالأمر سليماً؟ هل تعلمون أن فرنسا التي تستحق صناعتها السينمائية تكوين لجنة للاختيار عقدت جلسة أولى تم خلال انتقاء ثلاثة أفلام عرضت لأول مرة في “كان” و سيتم الحسم بكل شفافية و وضوح في جلسة ثانية؟ ثم هل تعلمون بأن لجنتهم تقودها رئيسة لجنة التسبيق على المداخيل عندهم و تضم في عضويتها “تييري فخيمو” العقل المدبر في مهرجان “كان” و “جون پول سالومي” و رئيس أكاديمية السيزار، ثم الكبير “سيرج توبيانا”؟ هل تعلمون بأننا هنا لا نقارن، بل ننبه إلى أن من يختار طريق اللجان يجب أن يكون عارفاً بمن لديه الأحقية ليكون حاضراً في هذه اللجان؟ هل تعلمون بأنه في مصر، ولو أن حالهم ليس أفضل بكثير من حالنا، لجنتهم تضم علي بدرخان و طارق الشناوي وعمر عبد العزيز و سعيد شيمي؟ هل تعلمون بأنه كان بالإمكان اختيار شريط نبيل عيوش الذي لم يشاهده المعنيون في البلد الذي سيمثله، دون الدخول في كل هاته المتاهات التي تخلق التوتر و تزرع الشك؟ وهل تعلمون أن الأكاديمية الأمريكية للعلوم و الفنون ليست هي “الفيفا”، وستقبل بدون حرج اقتراح المركز السينمائي ما دام الأمر يتعلق بدور تمهيدي؟ الأكاديمية هناك لا وقت لها لكي تضيعه في متابعة فصول تكويننا للجان عجيبة،و كثيرة هي البلدان التي يلجأ القائمون على سينماها لانتقاء شريط دون تكوين لجان شكلية.

قانونيا هناك طرق كثيرة من جانب من يختار في كل بلد لإيجاد تخريجات و تبريرات مهما بلغت درجة ضعفها،لكن أخلاقيا هناك مشكل كبير يكشف مدى تشبثنا بسلك الطرق الصغيرة و الملتوية لكي نشرك شريطا في منافسة لا نحتاج فيها للجنة اختيار، ولا نحتاج فيها أيضا لتغليف عروض تقنية بعباءة العروض التجارية التي لم يسمع عنها أحد. في حالتنا، أشرك اسمان يستحقان الحكم و تم الانتباه إلى ضرورة عدم إغفال حضور اسم يستوعب و لو القليل المفيد في مجالي الترويج و الإعلان بالنظر لطبيعة المنافسة التي ندخلها. بعد الاطلاع على كل الآخرين المحترمين و الذين تربط أغلبهم بمخرج الفيلم علاقة مهنية مباشرة، أتساءل عن سبب عدم إشراك نبيل عيوش في اختيارشريطه؟
عزيزي نبيل عيوش، أحترم أفلامك و في المرة المقبلة رجاء اختر شريطك بنفسك ليمثلك و يمثل البقية ما داموا يتقنون الصمت. شخصياً، بالطريقة التي تم بها الأمر فأنت لا تمثلني بل فرضك القرار غير السليم للمركز السينمائي علي و على غيري. ألم أقل لك و لغيرك،بأن ما نكتبه لا يغير شيئاً؟
المركز السينمائي المغربي عبر لمرحلة جديدة و هي إقبار كل شيء صالح، وفي الخلفية ينصت مسيروه لنفس الأغنية التي يخبرنا مطلعها بأن كلامنا لن ينتبه له أحد و سيلفه النسيان. اتركوني أكتب ما أريد، وامنحوا الكثير من النقاقيد الذين يتقنون الصمت بعضا من فتات ليقتاتوا منه ويتناولوا “القضايا الكبرى” و يتغاضوا عما يرتكب في حق السينما، وعينوا الحربائيين في لجان الاختيار و في الأخير قولوا بأن خاط هذه السطور إلى جانب زملاء آخرين حاقدون و متحاملون.لحسن حظي و سوء حظكم أن مثل هذه الحيل لم تعد تنطلي على أحد، أما النتيجة فهي للأسف في صالحكم لأنكم تملكون فرص اتخاذ القرارات غير الصائبة و لاتنصتون للرأي السليم. الرأي أفضيت به، و القرار أصدرتموه و نبيل عيوش له احترامي كسينمائي ساندت في وقت الشدة حريته في اختياره لزوايا معالجته بكل حرية في كل أعماله. حين سأشاهد العمل في محفل آخر سأصفق له إن كان قويا و مقنعا،و أختم بالقول بأن اختياره لم يكن يحتاج أصلا لكل هذه المسرحية الفاشلة. للأسف الشديد شريطه “غزية” يمثله في الدور التمهيدي للأوسكار،لكنه لا يمثلني بالنظر لكل ما ذكرناه و سنوضحه أكثر في أركان لاحقة، و للأسف الشديد المركز السينمائي صار له هدف واحد و هو تصفية السينما.افعلوا ما شئتم و هنيئا لنا بما نجنيه،أما أهل الأوسكار الذين تابعت من عين المكان في مناسبتين طريقة اشتغالهم و إيقاع اشتغالهم، لا وقت لديهم ليضيعوه معنا و مع أخطائنا و خطايانا التي ابتلينا بها دون غيرنا.أقول قولي هذا و أستغفر الله لي و لكم..

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة