ماهو الموقع الحقيقي لقنوات القطب العمومي بين المحطات التلفزيونية المنافسة؟

أظهرت الأرقام والإحصائيات التي تكشف عنها مختلف مؤسسات قياس نسب المشاهدة عن ارتباط كبير بين المشاهد المغربي والقنوات المحلية التابعة للقطب العمومي، والتي تجمع قوات الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والقناة الثانية.

وإذا كانت قنوات القطب العمومي تتأرجح بين نوع من التكامل تارة، والمنافسة تارة أخرى، فإن الخطر الحقيقي بالنسبة لها قادم من القنوات الخارجية التي تدخل البيوت عبر الساتل.

من الشرق إلى غرب

أكدت آخر إحصاءات المندوبية السامية للتخطيط. أن التلفزيون هو الشاشة الأكثر حضورا داخل كل بيت مغربي، وبينت الأرقام أن 96.4 في المائة من الأسر المغربية مجهزة بشاشة تلفزيون واحدة على الأقل.

وفي الإطار نفسه بينت الإحصاءات نفسها أن 99.2 في المائة من البيوت المجهزة، لها ولوج للتلفزيون عبر الساتلايت، ما يعني أن قنوات القطب العمومي (القنوات التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ودوزيم) حاضرة على الساتل إلى جانب أكثر من 1200 قناة منافسة خصوصا أن للمشاهد المغربي خصوية تحدي اللغة أي أن القنوات العمومية لا تتمتع بحصانة لغوية إذ يمكن للمغربي مشاهدة جميع القنوات العربية بلهجاتها المختلفة، إضافة إلى القنوات الفرنسية، والانجليزية، والألمانية، والإسبانية، والايطالية، والهندية .. والمعتمدة على الترجمة النصية أيضا. في حين هناك بلدان يحميها حاجز اللغة فمثلا من النادر أن نجد مشاهدا ايطاليا يتابع القنوات الفرنسية أو الالمانية.

ومع ذلك فإن قنوات القطب العمومي تستحود في نسب المشاهدة على حصة الأسد حيث أظهرت الأرقام التي نشرتها مؤسسة ماروك ميتري المخول لها قياس نسب المشاهدة بالمغرب أن 46.5 بالمائة من المغاربة يشاهدون قنوات القطب العمومي. وهذا لا يعني أن ما تبقى لا يشاهد القنوات الوطنية بشكل قطعي ولكن النسبة المذكورة شاملة حيث أن المغربي الذي يشاهد التلفزيون لا بد أن يطلع في وقت أو في آخر على القنوات العمومية المحلية.

وتبلغ النسبة ذاتها في بلدان عربية أقل من ذلك بكثير حيث تبلغ في عمان 14.6 في المائة، والكويت 6.1 في المائة، والمملكة العربية السعودية 5.7 في المائة، وقطر 6 في المائة، والامارات العربية المتحدة 10.3 في المائة.

وفي البلدان الأوربية، نجد القنوات العمومية أكثر حيوية لكنها لا تصل إلى النسبة المحققة في المغرب، حيث تصل القنوات العمومية الفرنسية معدل 31 في المائة، وفي إسبانيا 23.9 في المائة، وفي إيطاليا 36.8 في المائة، وفي المملكة المتحدة 42.2 في المائة، وفي ألمانيا وهي حالة خاصة جدا يحقق الاعلام العمومي نسبة 57.2 في المائة من خلال باقة تضم 17 قناة.

الهوة كبيرة إذن في البلدان الخليجية بين القنوات العمومية ومنافساتها، حيث تحقق معدلا لا يتجاوز 9 في المائة، ويصبح الوضع أقل حدة في أوربا حيث لا تتعدى 27 في المائة في 37 دولة أوربية حسب المعطيات التي كشفت عنها مؤسسة Eurodata .

وحسب المصدر ذاته فإن القطب العمومي في المغرب يحتل الرتبة 15 بين 7000 قناة تنتمي ل 110 بلدا .

هيمنة مطلقة

إذا كانت قنوات القطب العمومي تستحوذ على 46.5 في المائة من المشاهدين فإن ما تبقى، أي 53.5 في المائة، موزعة بشكل صغير جدا ومفتت بين مختلف القنوات الأخرى، أي حوالي 150 قناة بحصص مشاهدة لا تتعدى 0.3 في المائة لكل محطة.

وتشير الإحصاءات المتوفر إلى هيمنة مطلقة لقنوات القطب العمومي : يوميا، 16 مليون مغربي ممن يتجاوز عمرهم 5 سنوات، يشاهد على الأقل فقرة واحدة على قناة من باقة القطب العمومي، أي ما يمثل 53 في المائة من الساكنة المرجعية (الساكنة التي يتجاوز عمرها 5 سنوات مجهزة بشاشة تلفزيون وتمثل حوالي 30 مليون و277 ألف فرد). وأسبوعيا، تصل هذه النسبة ل 80 في المائة من المغاربة الذين يتجاوز عمرهم 5 سنوات. وشهريا يصل العدد 28 مليون و300 ألف، أي 9 مشاهدين من أصل 10، أي نسبة 93.5 في المائة.

سؤال الهوية

ويعتمد القطب العمومي في جذب المشاهدين على برامج جماهيرية مثل لالة لعروسة على الأولى، وجزيرة الكنز على دوزيم، ونشرات الأخبار التي تطلع المتابعين على ما يجري داخل وخارج المملكة، بالإضافة إلى نسب مشاهدة قياسية خلال شهر رمضان حيث بلغت حصة المشاهدة في وقت الذروة في رمضان من السنة الماضية 84 في المائة.

ويغذي هذا التوجه تعطش المشاهد المغربي لمشاهدة صورته على الشاشة، والاطلاع على منتوج يشبهه، ويحترم خصوصيته وقيمه أمام عولمة كاسحة بدأت شيئا فشيئا تولد ردود أفعال عكسية وتسائل الجميع حول الهوية بكل تجلياتها ومكوناتها: من نحن؟ وماذا نريد أن نشاهد؟

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة