تصريحات الرميد تستنفر القضاة

قرر إئتلاف الجمعيات المهنية القضائية بالمغرب تنظيم ندوة صحفية، عقب تدوينة مصطفى الرميد الأخيرة، وذلك يوم الجمعة 14 دجنبر 2018 على الساعة الرابعة بعد عصرا، بالدار البيضاء .
من جهتها، وفي إعلان لعموم القضاة دعت الودادية الحسنية للقضاة كافة قضاة المملكة للحضور، بشكل مكثف، للندوة الصحفية داتها، والتي خصصت، حسب الإعلان، لـ”ألرد على تصريحات مصطفى الرميد وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان، وكذا بلاغات الهياكل التنظيمية لحزب العدالة والتنمية”.
يذكر أن مصطفى الرميد، الذي سبق أن شغل وزيرا للعدل، في الولاية السابقة، هاجم القضاء المغربي، وشكك في استقلاليته، وكال له مجموعة من الاتهامات، والأوصاف، والأمر نفسه بالنسبة للأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، على خلفية إحالة عبد العلي حامي الدين، القيادي بالحزب، على الغرفة الجنائية.
وكان الرميد كتب، على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (فايسبوك) “تلقيت باندهاش كبير إحالة عبد العلي حامي الدين على الغرفة الجنائية من أجل المساهمة في القتل العمد من قبل قاضي التحقيق”.
وفي خرجة للتأثير على مجريات القضية، قال الرميد، “العجيب هنا هو أن هذه التهمة سبق أن حوكم من أجلها سنة 1993 في قضية بنعيسى آيت الجيد، وقد برأته غرفة الجنايات منها وأعادت تكييف الأفعال على أساس أنها مساهمة في مشاجرة أدت إلى القتل”، مشيرا إلى أن “الأمر هنا لا يتعلق بوقائع يمكن الاختلاف حولها، ويبقى القضاء هو صاحب الكلمة الفصل بشأنها، ولا يتعلق الأمر باجتهاد في تطبيق القانون يخضع لقاعدة الصواب والخطأ الذي يمكن أن يتلبس بأي اجتهاد.. كلا، الأمر يتعلق بقاعدة تعتبر من النواة الصلبة لقواعد المحاكمة العادلة ومبدأ أصيلا من مبادئ دولة الحق والقانون والتي يعتبر خرقها خرقا خطيرا لقاعدة قانونية أساسية يوجب المساءلة طبقا لمقتضيات القانون التنظيمي للنظام الأساسي للقضاة”.
ولجأ الرميد للعهد الدولي لحقوق الإنسان، وقال “تكفي الإشارة هنا إلى المادة 14 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي نصت صراحة على أنه لا يجوز تعريض أحد مجددا للمحاكمة أو للعقاب على جريمة سبق أن أدين بها أو برئ منها بحكم نهائي وفقا للقانون والإجراءات الجنائية في كل بلد”، موضحا أن “هذه القاعدة الراسخة التي درج عليها القضاء المغربي واستقر اجتهاده عليها مكرسة في العديد من نصوص القانون، سنتعرض لها بالتفصيل في مناسبة قادمة”.
وشكك الرميد في احترام المغرب لحقوق الإنسان، وفي انعدام المحاكمة العادلة، ولم يترك للمواطن العادي ما يقول في هذا الجانب، مادام أنه الوزير المكلف بقوق الإنسان، حين قال “يبدو أن تكريس حقوق الإنسان والقواعد الأساسية للمحاكمة العادلة في هذا البلد تحتاج إلى نضال مرير ومكابدة لا حدود لها ضد كل قوى الردة والنكوص التي تجر إلى الخلف والتي لن نسكت عليها أبدا…”.
واعتبر الرميد أن قرار إحالة حامي الدين على الغرفة الجنائية “منحرف عن جادة القانون”، وهو تدخل واضح في القضاء، واتهام مباشر للقاضي الذي اتخذ القرار، حيث قال “وقبل أن اختم، فإنه واهم من يظن أن هذا الموقف نابع من العلاقة الشخصية أو السياسية مع ضحية هذا القرار المنحرف عن جادة القانون”. متابعا أن “الأمر يتعلق بقرار لو قدر له أن يصمد أمام القضاء في مراحله المقبلة فسيكون انقلابا في مسار العدالة في المغرب، وسيؤسس لاجتهاد يمكن أن يؤدي إلى نشر كل القضايا التي حسمها القضاء لينظر فيها من جديد، إلا إذا كان هذا الاجتهاد سيبدأ بقضية حامي الدين وينتهي بها وهو أمر لا تخفى خطورته أيضا”.
وفي الأخير، واصل الرميد الاستهزاء بالعدالة لا لشيء سوى أن حامي الدين أحيل على غرفة الجنايات في قصية جريمة قتل حيث كتب “وبقدر الغضب الذي يساورني بسبب هذا الاجتهاد الاخرق بقدر ما استشعر الأمل في الإنصاف وإعادة الأمور إلى نصابها والانتصار للقانون ، ووضع حد لهذا الانحراف الجسيم الذي اشر عليه هذا القرار في المرحلة القضائية المقبلة”.
ولم يقف الرميد هنا بل لوح بالعودة للموضوع، لـ”إرهاب” القضاء.
يذكر أن الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، بدورها، عقدت اجتماعا استثنائيا الاثنين بخصوص إحالة قاضي التحقيق لملف عبد العلي حامي الدين على غرفة الجنايات، وكال بيان وقع رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، بصفته أمينا عاما للحزب، للعدالة المغربية اتهامات لا تقل عن اتهامات الرميد، عملا بمقولة “أنصر أخاك ظالما أو مظلوما”، ما قد يفتح الباب على مصراعيه للتشكيك في نزاهة القضاء المغربي واستقلاليته، ما دام أن الاتهامات صادرة عن رئيس الحكومة ووزير لحقوق الإنسان، ولم يعد من حقهما انتقاد أو التشكيك في بيانات المنظمات الدولية التي تهاجم المغرب.
يذكر أن قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بفاس، قرر متابعة عبد العلي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية، بتهمة المساهمة في القتل العمد وإحالته على غرفة الجنايات.
وكان حامي الدين اعتقل في قضية مقتل الطالب اليساري أيت الجيد بنعيسى، حينها، وتوبع بتهمة القتل، قبل أن تبرأه المحكمة.
وجدير بالإشارة إلى أن الطالب بنعيسى أيت الجيد قتل بطريقة بشعة، في 25 فبراير 1993، حينما أوقف مجموعة من الطلبة “الإسلاميين”، من حركة الإصلاح والتجديد، وجماعة العدل والإحسان، سيارة أجرة تقل طالبين يساريين، فانهالوا عليهما بالضرب، ما تسبب مقتل أيت الجيد، فيما أصيب زميله إصابات بليغة في حق الطالب الثاني.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة