فيلم “الطريق إلى ماندالاي” يجسد واقعا معيشيا لظاهرة الاتجار في البشر والهجرة السرية بالقارة الأسيوية

يجسد فيلم “الطريق الى ماندالاي”، الذي يشارك هذه السنة في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته السادسة عشر (2-10 دجنبر)، واقعا معيشيا مريرا من خلال تطرقه لظاهرة الاتجار في البشر والهجرة السرية وما يستتبعها من سقوط في براثن الاستغلال الجنسي وعصابات الفساد والإجرام.

يحكي الفيلم قصة شابة تدعى (ليانكينك)، سلكت أصعب الطرقات لمغادرة بلدها الأم بورما نحو التايلاند بحثا عن ظروف معيشية أفضل، عبر العثور على عمل بمساعدة صديقتها، حيث ستتعرف في طريقها على شاب، (كيو)، سيحاول مساعدتها طيلة سعيها للبحث عن عمل.

وبمجرد وصولها الى تايلاند تكتشف، الشابة ذات 23 عاما، واقعا غير ذلك الذي حلمت به ، حيث تواجه صعوبات جمة بسبب عدم توفرها على وثائق تعريف وإقامة تمكنها من الاستقرار بالتايلاند، وإيجاد عمل شريف، لكنها تجد دوما بجانبها الشاب “كيو” الذي أصبح يكن لها مشاعر حب جارف.

وتجد الفتاة نفسها مضطرة الى محاولة الحصول على وثائق تعريف مزورة فتتعرض للنصب في العديد من المرات من طرف أشخاص يمتهنون التزوير، لكنها تحصل في الأخير على وثائق تمكنها من التجول داخل تايلاند بكل حرية للبحث عن عمل أفضل، لكن هذا الأمر لم يرق لصديقها الذي قرر وضع حد لحياتها قبل أن ينتحر بجانبها في مشهد مأساوي.

وفي حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، قال الناقد السينمائي عمر بلمختار إن هذا الفيلم الذي يعالج موضوع الاتجار في البشر والاستغلال السيئ لليد العاملة، يسمح للمشاهد باكتشاف انتاج سينمائي غني ومبتكر.

وأضاف السيد بلمختار أن الأمر يتعلق بعمل قوي يتطرق لمعضلة الهجرة السرية في آسيا والتي عالجها المخرج بطريقة بطيئة لتسليط الضوء على معاناة شخوص هذا الفيلم بشكل كاف.

وفي تصريح مماثل، أبرز مدير المعهد العالي لمهن السمعي البصري والسينما محمد بلغوات، من جانبه، أن هذا الفيلم يهتم بظاهرة اجتماعية بالغة الأهمية، مؤسسة على بنية متقطعة، تنتهي أحداثها بموت البطلين.

وتابع المتحدث أن الجمهور كان على موعد مع قصة حب مستحيل، لافتا أن الفيلم ورغم افتقاده للدينامية والايقاع، تبرز أهمية وضع هذا الفيلم في سياقه من أجل فهم أن الانتحار الذي أقدم عليه البطل يعتبر عملا بطوليا في آسيا.

ومن جهة أخرى، رأى الناقد السينمائي محمد اشويكة أن الفيلم سقط في فخ الرتابة بالرغم من تسارع أحداثه، مشيرا إلى أن الفليم كرس نظرة متشائمة تجلت في قتل الشاب “كيو” للفتاة “ليانكينك” في ختامه، كما كرس نظرة الدول العظمى من خلال التشجيع على عدم الهجرة وتجريم المهاجرين السريين باعتبارهم يخرقون القوانين الدولية.

ويشارك فيلم “الطريق الى ماندالاي”، وهو من انتاج بيرماني تايواني فرنسي ألماني، في المسابقة الرسمية لهذا المهرجان للفوز بالجائزة الكبرى “النجمة الذهبية” التي يتنافس عليها 14 فيلما.

ويعد هذا الفيلم (ساعة و48 دقيقة) سادس عمل للمخرج ميدي زي، الذي ازداد في بورما سنة 1982، حيث سبق له أن أخرج أفلام “عودة الى بورما” سنة 2011، الذي شارك به في مهرجان بوسان وفي مسابقة مهرجان روتردام، كما فاز فيلمه (سم الثلج) سنة 2014 بجائزة أفضل فيلم دولي في مهرجان ادنبورغ، ومثل المخرج الشاب تايوان لنيل جائزة أوسكار أفضل فيلم أجنبي.

Total
0
Shares
أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشورات ذات الصلة