ثمار عودة المغرب للاتحاد الإفريقي

أكد معهد الدراسات الأمنية (ISS)، بأديس أبابا، إثيوبيا، التابع لمجلس السلم والأمن (PSC) الإفريقي، أن قرار الإتحاد الأخير، في قمته الـ21 بنواكشوط، موريتانيا، بالحد من جهود “السلام الخاصة” به في الصحراء المغربية، ودعم العملية التي تقودها الأمم المتحدة، “يعتبر بمثابة فوز كبير للمغرب، الذي طالما اعتبر الجهود التي يقودها الإتحاد بالمتحيزة. نظرا لقبوله بالجبهة الإنفصالية ‘كعضو’، حيث شكل هذا القرار صدمة للدول الأعضاء، التي تدعم تدخلات الإتحاد في قضية الصحراء المغربية”.

وأضاف معهد الدراسات الأمنية (ISS)، الذي تأسس في عام 2009، بهدف دعم وتكميل عمل الإتحاد الإفريقي (AU)، من خلال توفير معلومات منتظمة، في شكل تقارير مستندة إلى أبحاث وأنشطة يتم جمعها وتحليلها. أن “عودة المغرب إلى الإتحاد الإفريقي والإنتخابات السابقة، لمجلس السلم والأمن (PSC) في يناير 2018، قد أحدثت بعدا جديدا لنهج الإتحاد الإيجابي تجاه القضية الوطنية”، مبرزا أنه في الماضي، كان الإتحاد ” يصف عادة القضية بـ”إنهاء الاستعمار”، غير أن القمة الأخيرة لم تشهد استعمال هذه العبارة، على المستوى الرسمي”.

وبيّن المعهد، أن قرار قمة نواكشوط الأخير، حول الأقاليم الجنوبية للمغرب، جاء “كحل وسط للحيلولة دون تدهور العلاقة بين حلفاء المغرب، ومؤيدي البوليساريو المخلصين، مثل الجزائر وجنوب إفريقيا ،وبلدان أخرى في جنوب القارة، بهدف إبقاء المناقشات خارج جهاز (PSC)، في خطوة لتجنب المواجهة”. في ظل اعتراض المغرب، المستمر على طريقة تعامل (PSC)، على مستوى السفراء في أديس أبابا، المنحازة، في مطالبتها بدعم جهود جبهة البوليساريو في الإنفصال.

وأضاف التقرير، أنه يمكن اعتبار قرار الإتحاد الإفريقي 2018، لدعم عملية الأمم المتحدة بشكل كامل، من أجل حل التوترات بين الدول الأعضاء، انتصارا للمغرب، الذي يعتبر أن مجلس الأمم المتحدة، هي الهيئة الوحيدة المخول إليها البحث في عملية السلام، والتي جاءت في نتائج اجتماعها بأبريل 2018، مناشدة الأطراف في النزاع “استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة، وبحسن نية تحت رعاية الحصرية للأمين العام للأمم المتحدة، بالإضافة إلى مجلس الأمن الذي ينظر بهذه المسألة”.

وأبرز تقرير المعهد، أن “القرار الأخير لتقديم دعم حاسم لعملية الأمم المتحدة، هو عكس قرار الإتحاد الإفريقي في يناير 2018 ، الذي دعا إلى محادثات مشتركة بينه وبين الأمم المتحدة من أجل إجراء ‘استفتاء المصير’، الذي تتبناه الجبهة الإنفصالية”.

كما أفاد المعهد، أن القرار الجديد، ينص على أن الإتحاد الإفريقي سيتناول القضية بشكل رئيسي على مستوى المجموعة الثلاثية المنشأة حديثا، والتي تتكون من رؤساء الإتحاد الإفريقي المنتهية ولايتهم وحاليين والمستقبليين، ورئيس الإتحاد. تحت مسمى “الترويكا”، وهو جهاز معني بالسياسة والدفاع والأمن، التابع “للجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي” للدول الجنوب الإفريقي. على أن تقدم الدعم، وليس التدخل في عملية الأمم المتحدة، من خلال إيفاد تقاريرها المباشرة إلى جمعية الإتحاد (AU).

ولفت التقرير، إلى حالة الشك التي تعترى فعالية “الترويكا”، موضحا أن “التجربة تظهر أن لجان رؤساء الدول غالبا ما تفتقر إلى الإرادة السياسية للتعامل مع الأزمات، إضافة إلى ذلك، فإن الترويكا الخاصة برؤساء الإتحاد السابقين والحاليين والمستقبليين، هي فكرة ليست مدرجة في القانون التأسيسي للإتحاد، وليس لها سلطات حقيقية خارج جمعية الإتحاد”. مذكرا إلى أنه “قد أنشئت لجان مماثلة رفيعة المستوى في الماضي، لمعالجة الصراعات في ليبيا وبوروندي وجنوب السودان، غير أنها فشلت في تسجيل أي معالم رئيسية في وضع جدول أعمال للسلام، أو حل الأزمات في تلك البلدان بشكل فعال”.

وعلى مستوى آخر، اعتبر المعهد (ISS)، أن هذا القرار، يعد أمرا حاسما بالنسبة للإتحاد الإفريقي ولجنة مراقبة السلام لأنه، ” ولأول مرة، اتخذ الإتحاد ‘قراراً رسمياً’، يقضي بمنع مشاركة مجلس السلم والأمن في أزمة بإفريقيا. وذلك منذ إعادة إطلاق الجهاز القاري باسمه الجديد في عام 2002، وتفعيل (PSC) في عام 2004، التي اعتبرت هذه الأخيرة نفسها، لاعبا رئيسيا في حل كل القضايا الأمنية بالقارة”.

وضرب التقرير مثلا، حول فعالية عمل (PSC) المحدود في العديد من القضايا، بما في ذلك الأوضاع في ليبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان، مبرزا أن ، “الجهات الفاعلة التابعة للأمم المتحدة والدول الإقليمية هي من تلعب الأدوار المهيمنة، (في استدعاء لدور الجزائر في تقديم الدعم للجبهة)، في حين يلعب الإتحاد وأجهزته الدور البسيط الهامشي في أي عملية سلام”. ما يطعن في قدرته على المساهمة في حل القضية الوطنية الأولي للمغرب.

وختم التقرير، بأن اختراق المغرب، من خلال عودته للإتحاد، سيؤثر على رؤساء الدول بشكل يحد من أساليب عمل المجلس. وهذا “يعني أن قضية الصحراء المغربية، قد لا تصل إلى قمم مجلس السلم والأمن الإفريقي، ما سيزيد الخناق على جبهة البوليساريو، وحصر وتحجيم أدوار الدول الداعمة لها. مستنتجا، أنه “وحتى لو نوقشت القضية بالمجلس، فإن قراراته لن تكون ملزمة، بالنظر إلى أن الإتحاد الإفريقي، في صورته الجديدة، أضحى دوره يقتصر فقط على دعم عملية الأمم المتحدة”.

Total
0
Shares
أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المنشورات ذات الصلة