“الطعريجة”.. رمز البهجة في احتفالات عاشوراء

تستعد الأسر المغربية للاحتفال بعاشوراء، وأهم طقوسه اقتناء الفواكه الجافة ولعب الأطفال، واجتماع الأسر للغناء والرقص، وكل هذا لا يكتمل إلا بشراء “الطعريجة”.

وهي عبارة عن آلة إيقاعية تصنف ضمن التراث الموسيقي المغربي، مصنوعة يدويًا من الطين وجلد الماعز أو الخروف وحتى السمك، تشبه “الدربوكة” لكنها أصغر حجمًا بحيث يمكن إمساكها والتحكم بها بيد واحدة.

وتنشط صناعة “الطعريجة” بشكل كبير بعد عيد الأضحى مباشرة، لتوفر الجلود واستعدادًا لاستقبال احتفالات عاشوراء، فتشكل من الطين وتوضع لتجف تحت أشعة الشمس ثم في أفران تقليدية أو عصرية ليتكمل نضجها، وبعد ذلك تدخل في مرحلة التزليج أو الزخرفة، وهذه الأخيرة تختلف من منطقة إلى أخرى، وأشهرها “طعريجة” مدينة اسفي المعروفة بصناعة الفخار، أما وضع الجلد فهو المرحلة الأخيرة.

وتصنع “الطعريجة” البهجة حتى عند بيعها حيث يتحول أغلب الباعة الذين يعرضونها إلى عازفين ومرددين لأغان شعبية جميلة قصد لفت انتباه الزبائن وجلبهم ، وعلى رأسهم الفتيات الصغيرات اللواتي لا تكتمل فرحة عاشوراء لديهن إلا باقتناء “طعريجة” جديدة .

ويستعمل الأطفال “الطعريجة” خلال احتفالات عاشوراء – التي تدوم طيلة النصف الأول من شهر محرم –  للحصول على مصروف الجيب أو الحلويات، حيث يجوبون الأزقة والشوارع في المناطق الشعبية بالخصوص، وهم يقرعون آلاتهم الطينية ويرددون أهازيج احتفالية خاصة بالمناسبة، فيحصلون على قطع نقدية من هنا وقطعة حلوى أو لعبة من هناك.

وبالإضافة إلى العزف، تصبح للطعريجة في عاشوراء مهمة أخرى حيث تملؤها الأم بالكعك والفواكه الجافة، لتوزيعها على أفراد الأسرة يوم العاشر من محرم، بحصص متساوية وكأن “الطعريجة” ميزان.
وكانت هذه الآلة فيما مضى من الزمن من ضروريات الديكور في المنازل المغربية، لأن الأسر تحتاجها دائمًا في المناسبات السعيدة أو عند التفاف الأسرة أو الزوجة وصديقاتها للترويح عن النفس بالعزف والغناء والرقص.

وما تزال “الطعريجة” حتى اليوم آلة عزف ضرورية في أشهر الأنواع الموسيقية التراثية بالمغرب، كالدقة المراكشية وفن الملحون والطرب الاندلسي، وخاصة فيما يسمى بـ “العيطة”، وهو الفن الشعبي المفضل لدى المغاربة والذي يفرض نفسه في كل الاحتفالات.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة