تدابير أميركية مضادة ضد ايرباص

هددت واشنطن الثلاثاء بفرض تعرفة جمركية إضافية على شركة ايرباص وسلع أوروبية أخرى ما لم توقف بروكسل إعاناتها للشركة الصانعة للطائرات، ما يزيد احتمال إحياء التوترات التجارية بين الأوروبيين والأميركيين.

ويشكل ذلك فصلا جديدا من نزاع قديم عمره 14 عاماً بين مجموعتي بوينغ وايرباص، تخوضانه عبر أوروبا والولايات المتحدة اللتين تتبادلان الاتهامات أمام منظمة التجارة العالمية بتقديم إعانات غير قانونية إلى الشركتين الرائدتين بتصنيع الطائرات.

وقال ممثل التجارة الأميركي روبرت لايتهايزر في بيان مساء الاثنين إن الإعانات الأوروبية لشركة ايرباص “تكلّف” الولايات المتحدة ما يصل إلى 11 مليار دولار في المبادلات التجارية كل عام. وأضاف أن واشنطن مستعدة لاتخاذ إجراءات للتعويض ابتداء من هذا الصيف.

وبحسب مكتب ممثل التجارة الأميركي، فقد “توصلت منظمة التجارة العالمية أكثر من مرة إلى أن مساعدات الاتحاد الأوروبي تسببت بخسائر للولايات المتحدة”، علماً أن الأوروبيين غير ملزمين بقرارات هذا المكتب.

وتدعم الموقف الأميركي شركة بوينغ التي أضعفتها مشاكل في أهم طائراتها “ماكس 737” التي منعت من التحليق لمدة زمنية غير محددة بعد كارثتين جويتين.

ويعدّ مكتب ممثل التجارة الأميركي لائحة أولية بالسلع الأوروبية التي يمكن أن تخضع للتعرفات الجمركية الإضافية، خصوصاً في قطاع الطيران، لكن أيضاً سلع غذائية مثل لحم سمك السيف وشرائح السلمون وبعض أنواع الجبن والفواكه وكذلك زيت الزيتون والنبيذ.

وردّ مصدر في المفوضية الأوروبية على الإعلان الأميركي الثلاثاء بالقول إن “مستوى التدابير المضادة (…) مبالغ فيه بشدة”. وأضاف أن “الرقم الذي تحدث عنه مكتب ممثل التجارة الأميركي يستند الى تقديرات داخلية أميركية”.

وأوضح المصدر أن “قيمة التعويضات التي تسمح منظمة التجارة العالمية بدفعها لا يمكن أن تحدد إلا بحكم تطلقه المنظمة نفسها”.

ويحذر الاتحاد الأوروبي كذلك من أنه في إطار “النزاع الموازي المتعلق ببوينغ”، ينوي أيضاً “اتخاذ إجراءات سريعة” للردّ. ولذلك سيطلب من “الوسيط الذي تعينه منظمة التجارة العالمية تحديد قواعد الرد”.

-“غير مبررة إطلاقاً”-

يقول الأوروبيون مع ذلك إنهم منفتحون لإجراء “محادثات”، بحسب المصدر نفسه.

ويؤكد الأميركيون أيضاً، بحسب بيانهم، أن هدفهم “النهائي هو التوصل إلى اتفاق مع الاتحاد الأوروبي لوضع حدّ للإعانات المقدمة إلى الطائرات المدنية الضخمة”.

ورأت ايرباص من جهتها أن “الحل المنطقي الوحيد هو تسوية يتم التفاوض عليها”، معتبرةً التهديدات الأميركية “غير مبررة إطلاقاً” في وقت دعا فيه وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير أيضاً إلى “اتفاق ودي”.

ومنذ أكثر من 14 عاماً، تتبادل واشنطن والمفوضية الأوروبية الاتهامات بتقديم مساعدات لا موجب لها إلى بوينغ وايرباص.

وهذا النزاع التجاري الذي ينطوي على مليارات الدولارات، هو أطول وأعقد نزاع تعالجه منظمة التجارة العالمية.

وحصل الاتحاد الاوروبي الصيف الماضي على موافقة منظمة التجارة العالمية بتحكيم مجلس خبراء في هذا النزاع حول المساعدات الى ايرباص التي ترفضها الولايات المتحدة.

لكن الأميركيين مطالبون بدورهم من منظمة التجارة العالمية بتحديد مبلغ العقوبات التي يمكن أن يفرضوها على الاتحاد الأوروبي.

وفي ملف المساعدات المقدمة الى بوينغ، اكدت منطمة التجارة العالمية في اواخر مارس أن الأميركيين لم يلتزموا أيضاً بقرارها لعام 2012 الذي يطلب منهم وقف المساعدات غير القانونية للشركة العملاقة المتمركزة في شيكاغو.

ويأتي التهديد الأميركي الأخير في ظل مناخ توترات تجارية متكررة بين الاتحاد الأوروبي وإدارة الرئيس الاميركي دونالد ترامب التي تستخدم حق فرض رسوم جمركية عقابية كسلاح في المفاوضات.

وهدد ترامب منذ مدة قصيرة أيضاً بفرض رسوم كبيرة على قطاع السيارات الأوروبي، رغم هدنة تجارية مع الاتحاد الأوروبي أعلنت أواخر يوليو.

ويجهد الطرفان منذ أشهر باتخاذ إجراءات ملموسة عبر التفاوض على اتفاق تجاري متعلق بالسلع الصناعية حصراً، لكن المحادثات التمهيدية لدى الجانب الأوروبي تأخذ وقت طويلاً.

وتجد بوينغ نفسها في ظلّ اضطراب كبير بعد التشكيك بأمان نموذجها الجديد 737 ماكس، بعد كارثتين قاتلتين بفارق أشهر، الأولى في بحر جاوة إندونيسا والأخرى في إثيوبيا.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة