في حوار مع إحاطة.. الفاسي الفهري يقول كل شيء عن مهرجان مراكش وآفاق السينما في المغرب

أكد صارم الحق الفاسي الفهري، نائب الرئيس المنتدب لمؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، أن المهرجان حدث فني متميز تجاوز منافسيه بشكل كبير، لأنه يوفر فضاء يمنح للإنتاجات المحلية والافريقية والعربية مسارا دوليا وإشعاعا كبيرا. وأضاف مدير المركز السينمائي المغربي في لقائه مع موقع إحاطة.ما أن السينما المغربية أمامها تحدي التشريعات والنصوص القانونية المهيكلة للمجال. وأثار الفاسي الفهري في الحوار التالي موضوع المنصة الأمريكية نيتفليكس وقضية القاعات السينمائية ومحددات انتقاء أفلام المهرجان…

بعد 18 دورة من عمر المهرجان، ما هو الإنجاز الذي تفتخرون به بشكل خاص؟

بالنسبة لي أهم شيء نفتخر به في مؤسسة المهرجان هو ورشات الأطلس، إنه أمر جعل المهرجان يتجاوز منافسيه بشكل كبير، لأنه إنجاز غير مسبوق في المنطقة، حيث يلتقي المبدعون والمهنيون والمنتجون من مشارب مختلفة حول مشروع جنيني. ورشات الأطلس فضاء يمنح للإنتاجات المحلية والافريقية والعربية مسارا دوليا واشعاعا كبيرا قبل ولادتها الفعلية. ونحن سعداء للنجاح المتنامي الذي تحقق.

اسمحوا لي أن أثير معكم تأثير الوضع السياسي الدولي في انتقاء الأفلام. هذه السنة هناك فيلم سعودي هو الزيارة الأخيرة يعكس التحولات في المملكة، وهناك فيلم برازيلي هو حمى عن غابات الأمازون .. وهو موضوع شائك مع وصول جايير بولسونارو الى الحكم.. بالإضافة الى حضور السينما التونسية بموضوع الثورة أو الإرهاب.. هل تجدونه أمرا طبيعيا بالنسبة إليكم؟

فالحقيقة هذه ملاحظة دقيقة، غير أني أرى القضية من زاوية مغايرة. إن السياسة أو الوضع السياسي عامة لا يؤثر في انتقاء اللجنة للأفلام، بل إن المبدعين هم أنفسهم المنجذبون لأمور السياسة، ويخوضون فيها بشكل نهم. تذكر جيدا أنه قبل سنوات عرفنا في المغرب موجة عن أفلام حقبة سياسية معينة سميت ب”سنوات الرصاص”. في ذلك الوقت لم يكن لدينا اختيار واسع في المواضيع أو التيمات مادامت الانتاجات تأثر جلها بالموضوع نفسه. لذلك فالسينما التونسية منشغلة بموضوع الثورة والإرهاب، والسينما البرازيلية مهووسة بقضاياها الآنية والمصيرية. الأمر يمكن تعميمه على جميع البلدان.

ماذا عن مشاركة نيتفليكس في المهرجان .. الفرنسيون متحفظون كثيرا في الامر ومنعوا أفلام المنصة الأمريكية من المشاركة في مهرجان كان، خلافا لمهرجان البندقية الذي استقبلها بصدر رحب، وجعلها تخوض غمار المسابقة الرسمية بل تفوز بالجوائز أيضا ..

أظن أن هذا الأمر غير مطروح بالنسبة إلينا بنفس الحدة التي يطرح بها في فرنسا، لأن الوضع مختلف، والغرف المهنية والنقابات هناك قوية جدا، والقاعات لا حصر لها، فمن الطبيعي أن تحس بالخطر. بالنسبة إلينا فواقعنا لا يمكنه إلا أن يدفعنا للتعامل مع نيتفليكس خصوصا أنها منتج غزير ونحن في أمس الحاجة لذلك

وماذا عن عملية اختيار الفيلم المغربي في المسابقة الرسمية؟ ماهي المحددات؟

لقد كانت لجنة الانتقاء أمام خيارين: إما فيلم آدم لمريم التوزاني او سيد لمجهول لعلاء الجم. أي الاخيار بين موضوعين: الأول جدي والثاني كوميدي خفيف، وكلاهما أول عمل لمخرجه، فكان التوافق على اختيار الثاني مادمنا لم نرشح قط فيلما كوميديا، على أن يكون عرض فيلم آدم ضمن سهرة خاصة.

ألا ترون أن حصر المسابقة الرسمية في الفيلم الأول أو الثاني للمخرجين سيف ذو حدين؟

هذا موقف تبناه المهرجان منذ 2014 …

(مقاطعا) .. لكنه شرط غير محدد ضمن قانون المسابقة ..

صحيح .. لكن يجب الانتباه الى أن المهرجان ليس مسابقة رسمية فحسب، بل هو أيضا فقرات متنوعة.. لنأخذ مثلا فيلم إيليا سليمان الأخير it must be heaven ، إنه عمل فني رائع لم يشارك في المسابقة الرسمية لكنه عرض ضمن البرمجة الأساسية للمهرجان.

أريد أن أقول إن اختيار العمل الأول والثاني في المسابقة هو توجه تكتيكي لأننا نبحث عن المواهب، لكنه ليس اختيارا كابحا لتطلعاتنا لأننا نأتي بأعمال كبيرة لمخرجين مرموقين ضمن برمجتنا العامة.

الامر المزعج بالنسبة لاختيار الفيلم المغربي، لا في حالة آدم أو سيد لمجهول، هو أنها أعمال جالت المهرجانات وحطت في أنفاسها الأخيرة بالمسابقة الرسمية في مراكش ..

نحن نبحث عن الاشعاع الدولي لسينمانا، لذلك لا يمكننا أن نمنع فيلما مغربيا من المشاركة في مهرجانات من الصنف أ مثل كان أو برلين. واي مشاركة له في مراكش ستكون كافية لمنعه من المشاركة الدولية.

يقال إن انتقاء الأفلام يجب أن يتم في قاعات المونتاج ..

طبعا، لكن ما أن نرى أن فيلما يحوي بذور عمل متكامل يمكن أن يكون له مسار دولي، نختار أن لا نقتله في المهد. السؤال الذي يواجهنا دائما هو: هل نريد فيلما أم نريد سينما؟

كيف ترى مستوى الإنتاجات المغربية في مجملها؟

المستوى غير مستقر .. هناك صعود ونزول ..

كيف تفسر هذا؟ أذكر أنكم صرحتم في وقت سابق أننا ننتج ثلاثة أصناف من الأفلام : الصنف الأول هي أفلام تروم شباك التذاكر، والصنف الثاني أفلام تشارك بشكل مكثف في المهرجانات، والصنف الثالث هو انتاجات هجينة لا تحقق نجاحا جماهيريا ولا مشاركات مهمة في المهرجانات .. وبأن هذا الصنف الأخير يجب أن ينقرض..

ومازلت على فكرتي هذه، ومتشبث بها أكثر من أي وقت مضى .. نحن محتاجون أصلا لأفلام جماهيرية وأخرى للمهرجانات وسنقوم بما فيوسعنا من أجل ذلك..

ما الذي تنوون فعله؟

بشكل عملي لدينا مشروع ننتظر المصادقة عليه يخص الدعم أو التسبيق على المداخيل. ومن بين مقتضياته أن الفيلم الذي يحقق النجاح في شباك التذاكر لن يكون مرغما على تسديد قيمة الدعم بشكل فوري بل سيلتزم صاحبه بضخ الأموال نفسها في مشروع جديد في مدة لا تتجاوز 5  سنوات، والأمر نفسه سيشمل تحفيزات لأي مشاركة في مهرجان من الصنف أ أو عدد تذاكر الشباك. هي في مجملها تدابير تحفيزية للأفلام الجماهيرية وأفلام المهرجانات.

لكن تبقى دائما قضية القاعات السينمائية، بنذرتها، حلقة ضعيفة في عملية الإنتاج، وتفرض على الفيلم نسب تتعدى 60 و 70 في المائة من الدخول .. هذا أمر غير طبيعي..

أتفق معك .. أرى أن حصول القاعة على أكثر من 50 في المائة من المدخول أمر غير معقول وفيه شطط، وسأعمل على تصحيح الوضع في أقرب الآجال، وسنفرضه في البداية على القاعات التي تستفيد من الدعم في انتظار تعميمه بقوة القانون. كما سنعمل على فرض الفيلم المغربي في القاعات من خلال كوطا محددة فالمركبات التي تضم 15 شاشة مثلا عليها تخصيص 18 أسبوعا على الأقل للفيلم المغربي. ودون أن تتعدى نسبة أرباحها ال50 في المائة، مع فرض تسديد المستحقات للمنتج والموزع في مدة لا تتعدى 3 أشهر.

ما هي التحولات الأخرى التي تنوون القيام بها وأنتم الآن على رأس المركز السينمائي المغربي؟

نقطة ضعف السينما في المغرب تتجلى في غياب النصوص والقوانين. لازلنا لحدود اليوم نحتكم الى قوانين تعود إلى 1977، وكأننا نشتغل دون قاعدة قانونية. التحدي الأكبر في التشريع ووضع حد للفراغ القانوني.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة