تقرير حقوقي يكشف استغلال بن كيران للدين وتوسل معجم حربي لتجييش أتباعه

كشف تقرير لجمعية حقوقية استغلال عبد الإله بن كيران، الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، للخطاب الديني والدين عموما، لتجييش أتباعه ضد خصومه السياسيين، بالتلويح بالاستقالة من الحكومة، والاستعداد للتموقع ضمن المعارضة، وليتوسل معجما حربيا، (عدم الاستسلام، البقاء في الساحة وليس البيوت… )، وليقع الخلط والالتباس بين ما يُفترض فيه شأنا عاما، يتم تدبيره وفق السياسة والقوانين ذات الصلة، وما يُعتبر شأنا خاصا في علاقة بتدبير الأفراد لقناعاتهم ومعتقداتهم التي لا تحتمل أية وصاية خارج القوانين الضامنة لتلك الحريات.

واستعرض التقرير السنوي “للوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان”، حول وضع الحقوق والحريات بالمغرب خلال سنة 2019، نماذج من خطاب التحريض على الكراهية، حيث توقف (التقرير) على تصريحات عبد الإله بن كيران، رئيس الحكومة السابق، بشأن العضوية في اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، مباشرة بعد يومين من التعيين الملكي لـ35 عضوا باللجنة الخاصة بالنموذج التنموي، التي تم تكليفها بإعداد نموذج تنموي بديل للمغرب والمغاربة.

وكان عبد الإله بنكيران، حسب التقرير، قال، بصفته السياسية، خلال مؤتمر التنظيم النقابي الموازي لحزبه، بكون اللجنة: “تضم تيارا واحدا، وأشخاصا يشككون في الدين، ولا تحترم التوازن المطلوب… يجب عدم الاستسلام أو الجلوس في البيوت، يجب البقاء في الساحة، وإن اقتضى الأمر العودة إلى المعارضة والتخلي عن الحكومة”، وذلك تشكيكا في تشكيلة أعضاء اللجنة، التي تضمنت أطرا مسؤولة بمؤسسات الدولة وخبراء أكاديميين وكفاءات وخبرات في علاقة بالفعل المدني.

وأدرج التقرير ذاته، الذي صدر بداية هذا الأسبوع، عينة من ردود الفعل التي طبعت التفاعل مع تصريح عبد الإله بن كيران، وهو التفاعل الذي حصره التقرير عبر التمثيل له بمنبر واحد، وبعينة عشوائية من 15 فقط من مجموع 104، رد تفاعلي، أبدى به القراء بنفس المنبر خلال يومي 15 و16 دجنبر 2019.

وقال التقرير إن مضامين التصريحات التي أبدى بها الأشخاص المشار إليهم (الـ15 رد تفاعلي من اصل الـ104)، تثير الكثير من القلق من زاوية حجم الانزياح عن قيم التسامح ومستلزمات العيش المشترك وتقويض أسس التعدد بالمجتمع ولدى تعبيراته.

وأضاف التقرير أن بن كيران يعمل، وبالنظر إلى المضمون المحرض على الكراهية تجاه أعضاء اللجنة وتصنيفهم ووسمهم، على أساس معيار الدين والتدين، بعدم الأهلية لعضوية اللجنة، بمبرر ادعائه بكونهم من الطيف الواحد المشكك في الدين، وبناء على هذا الادعاء التمييزي على أساس المعتقد والتحريض من خلاله على الكراهية وإعمال الوصاية دينيا، (يعمل بن كيران) على تعبئة التابعين له ضمن حزبه بالتلويح بالاستقالة من الحكومة والاستعداد للتموقع ضمن المعارضة، وليتوسل معجما حربيا، (عدم الاستسلام، البقاء في الساحة وليس البيوت… )، وليقع الخلط والالتباس بين ما يُفترض فيه شأنا عاما، يتم تدبيره وفق السياسة والقوانين ذات الصلة، وما يُعتبر شأنا خاصا في علاقة بتدبير الأفراد لقناعاتهم ومعتقداتهم التي لا تحتمل أية وصاية خارج القوانين الضامنة لتلك الحريات.

وبالرجوع إلى الردود التفاعلية التي أبدى بها القراء على هذا التصريح، يضيف التقرير، يمكن الوقوف على حجم الانفعال والتطرف والعنف الناظم لمجملها، وهي الردود التي يصبح معها هذا التصريح مشتلا لتوليد الكراهية والتطرف الحامل في بعضه لملامح التطرف العنيف.

وأضاف التقرير أن التصريح المشار إليه أعلاه، كما يحرض على الكراهية تجاه أعضاء اللجنة، فإن الردود التفاعلية تحرض على نفس الشيء وبتواتر ضد صاحب هذا التصريح، مما يجعل من خطاب التحريض على الكراهية قابلا لأن يشتغل كخطاب تمييزي في الاتجاهين، وقادر على توليد الكراهية والعنف والعنف المضاد والمقرون بالتطرف. فأول رد تفاعلي ضمن العينة المستدل بها يطالب بنكيران بمده بلائحة مفصلة لأسماء أعضاء اللجنة المشككين في الإسلام.

من هذا المنطلق يثير الوسيط الانتباه إلى حجم المسؤولية للأشخاص الذي ينتجون بصفتهم الاعتبارية أنماطا من هذا الخطاب، ومدى المسؤولية المعنوية والسياسية بخصوص التداعيات المترتبة عن ذلك.

وأكد التقرير أنه ما يزال الخصاص ملحوظا على مستوى الصرامة في إعمال القانون بخصوص خطاب التحريض على الكراهية والعنف والتطرف العنيف، حيث تُلاحِق المساءلة من حين لآخر مستويات التفاعل وردود الفعل على حساب مساءلة المشاتل الأصلية، المسؤولة بشكل مباشر على إنتاج تلك الأنماط من خطاب التحريض على الكراهية والتطرف على أساس الدين تجاه مختلف تجليات التنوع المجتمعي.

وعلى ضوء ما سبق أوصى التقرير بـ”ملاءمة جميع القوانين مع الدستور ومع الاتفاقيات الدولية وإعمال مبدأ سموها على التشريعات الوطنية، ورفع التجريم عن كل فعل قد يكون تعبيرا عن حرية المعتقد والضمير كما وردت ضمن معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان، خاصة الفصلين 200 و222 من مجموعة القانون الجنائي”.

كما دعا ، ضمن توصياته، إلى “إعادة النظر في أحكام مدونة الأسرة ذات الصلة بالموضوع، خاصة المادتين 39 و332″، “وسن تشريعات تجرم التكفير والتمييز على أساس المعتقد”، و”العمل على اعتماد التربية على القيم الإنسانية الكونية كمرتكز بيداغوجي لمراجعة مناهج وبرامج التعليم”، وأيضا، بـ”العمل على إعمال التوجهات المتضمنة في تصدير الدستور بشأن “قيم الانفتاح والتسامح والاعتدال والحوار والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء”، والحث على نبذ التعصب الديني والمذهبي وخطاب الكراهية، وما يتطلبه ذلك على مستوى وضع السياسات وبرامج التكوين والتكوين المستمر في علاقة بالتعليم والثقافة وتدبير الشأن الديني”.

يذكر أن هذا التقرير ساهم في إنجازه كل من عبد الغفور دهشور، وخديجة مروازي، وعبد الرزاق الحنوشي، ويوسف غويركات، واسماعيل أزواغ، وجهاد بلغزال، ولبنى الفحصي.

وشار إلى أن “الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان”، بإعداد ونشر التقرير السنوي الحالي حول حالة حقوق الإنسان بالمغرب، يكون قد أنجز العدد الأول من سلسلة أحد رهاناته التي جعل منها غاية هامة في مساره منذ التأسيس قبل حوالي عقد ونصف من الزمن.

وأشار الوسيط إلى أن إصدار هذا التقرير لا يعني تخلي الوسيط عن تقليد إعداد التقارير الموضوعاتية الذي دأب عليه في مختلف مجالات تدخله المرتبطة بتتبع وتقييم السياسات العمومية (التعليم، الصحة، السكن، الشغل، الشباب…)، فإن هذا التقرير جاء ليكرس تصور الوسيط واختياره المنهجي في النظر لوضعية الحقوق والحريات في بلادنا وتقييمها.

Total
0
Shares
المنشورات ذات الصلة